قال الخطيب: وينبغي للامام أن يتصفح أحوال المفتيين فمن صلح للفتيا أقره ومن لا يصلح منعه ونهاه أن يعود وتواعده بالعقوبة إن عاد وطريق الامام إلى معرفة من يصلح للفتوى أن يسأل علماء وقته ويعتمد أخبار الموثقين بهم ثم روى بإسناده عن مالك. قال: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك وفي رواية: ما أفتيت حتى سألت من هو أعلم مني: هل تراني موضعا لذلك؟ قال مالك: ولا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلا لشئ حتى يسأل من هو أعلم منه.
(ويحرم أن يفتي في حال لا) يجوز أن (يحكم فيها كغضب ونحوه) كحر مفرط وبرد مفرط وملل ونحوه مما يغير الفكر (فإن أفتى) في ذلك الحال (وأصاب) الحق (صح) جوابه. (وكره وتصح فتوى العبد والمرأة والأمي والأخرس المفهوم الإشارة أو الكتابة) كخبرهم (وتصح) الفتيا (مع أخذ النفع ودفع الضرر ومن العدو وأن يفتي أباه وأمه وشريكه و) سائر (من لا تقبل شهادته له) كزوجته ومكاتبته. لأن القصد بيان الحكم الشرعي وهو لا يختلف وليس منه إلزام بخلاف الحاكم (ولا تصح) الفتيا (من فاسق لغيره وإن كان مجتهدا) لأنه ليس بأمين على ما يقول وفي أعلام الموقعين.
قلت: الصواب جواز استفتاء الفاسق إلا أن يكون معلنا بفسقه داعيا إلى بدعته. (لكن يفتي) المجتهد الفاسق (نفسه) لأنه لا يتهم بالنسبة إلى نفسه (ولا يسأله) أي الفاسق (غيره) لعدم حصول المقصود والوثوق به (ولا تصح) الفتيا (من مستور الحال) وفي المبدع تصح فتيا مستور الحال في الأصح (والحاكم كغيره في الفتيا) فيما يتعلق بالقضاء وغيره (ويحرم تساهل مفت) في الفتيا (وتقليد معروف به) أي بالتساهل في الفتيا (قال الشيخ لا يجوز استفتاء إلا من يفتي بعلم أو عدل. انتهى). لأن أمر الفتيا خطر فينبغي أن يحتاط