رجوعهم إلى الحق وهو المطلوب (ولا يجوز قتالهم قبل ذلك) لأنه يفضي إلى القتل والهرج والمرج قبل دعاء الحاجة إليه (إلا أن يخاف كلبهم) بفتح الكاف واللام، أي شرهم، فلا يمكن ذلك في حقهم كالصائل إذا خاف أن يبدأه بالقتل (فإن أبوا الرجوع وعظهم وخوفهم بالقتال) لأن المقصود دفع شرهم ولا قتلهم (فإن فاءوا) أي رجعوا إلى الطاعة تركهم (وإلا لزمه قتالهم إن كان قادرا) لاجماع الصحابة على ذلك وقال الشيخ تقي الدين: الأفضل تركه حتى يبدؤوه (وإلا) أي وإن لم يكن الامام قادرا على قتالهم (أخره إلى الامكان) أي إلى القدرة عليه لقوله تعالى: * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * (و) يجب (على رعيته معونته على حربهم) لقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *. ولقوله (ص): من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه رواه أحمد وأبو داود من حديث أبي ذر (وإن استنظروه) أي طلب البغاة منه أن ينظرهم (مدة رجاء رجوعهم فيها أنظرهم)، حكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه لان الانظار إذن أولى من معالجتهم بالقتال المؤدي إلى الهرج والمرج، (وإن ظن) الامام (أنها) أي طلب مقاتلتهم الانظار (مكيدة لم ينظرهم) لأنه لا يأمن أن يصير طريقا إلى قهر أهل الحق وذلك لا يجوز (وإن أعطوه مالا وإن بذلوا رهائن على إنظارهم لم يجز أخذها لتلك) لأنه لا يجوز قتلهم لغدر أهلهم فلا يفيد شيئا، (فإن كان في أيديهم) أي البغاة (أسرى من أهل العدل وأعطوا بذلك رهائن منهم قبلهم الامام واستظهر للمسلمين) لأنه يجب عليه فعل ما فيه المصلحة (فإن أطلقوا) أي البغاة (الأسرى) من أهل العدل (أطلقت رهائنهم) وفاء لهم بما قيل لهم (فإن قتلوا من عندهم) من أسرى أهل العدل (لم يجز قتل رهائنهم ولا أسراهم) لقوله
(٢٠٦)