وتسبيل المنفعة أي إطلاق فوائد العين الموقوفة من غلة وثمرة وغيرها للجهة المعينة.
وقوله: (تقربا إلى الله تعالى) تبع فيه صاحب المطلع والتنقيح. ولعل المراد اعتبار ذلك لترتب الثواب عليه لا لصحة الوقف، فكثير من الواقفين لا يقصد ذلك، بل منهم من يقصد قصدا محرما، كمن عليه ديون وخاف بيع عقاره فيها، كما أشار إليه في شرح (1) المنتهى، أو يقال: هذا بيان أصل مشروعية الوقف. وسمي وقفا لأن العين موقوفة، وحبيسا لأن العين محبوسة (وهو مسنون) لقوله تعالى: * (وافعلوا الخير) * [الحج: 77]. ولفعله (ص) وفعل أصحابه، (ويصح) الوقف (بقول)، ويأتي صريحه وكنايته، (و) يصح الوقف أيضا ب (فعل) مع (دال عليه) أي الوقف (عرفا) كالقول، لاشتراكهما في الدلالة عليه وذلك (مثل أن يجعل أرضه مقبرة، ويأذن في الدفن فيها) إذنا عاما لأن الاذن الخاص قد يقع على غير الموقوف فلا يفيد دلالة الوقف، (أو يبني بنيانا على هيئة مسجد ويأذن للناس في الصلاة فيه إذنا عاما) لما تقدم (أو أذن، أو أقام فيه) أي فيما بناه على هيئة المسجد بنفسه، أو بمن نصبه لذلك، لان الأذان والإقامة فيه كالاذن العام في الصلاة فيه. قال الشيخ تقي الدين: ولو نوى خلافه (2).
نقله أبو طالب انتهى. أي أن نيته خلاف ما دل عليه الفعل لا أثر لها. قال الحارثي: وليس يعتبر للاذن وجود صيغة، بل يكفي ما دل عليه من فتح الأبواب، أو التأذين، أو كتابة لوح بالاذن أو الوقف. انتهى. وكذا لو أدخل بيتا في المسجد. وأذن فيه (أو بنى بيتا لقضاء حاجة الانسان) أي البول والغائط (والتطهير ويشرعه) أي يفتح بابه إلى الطريق (لهم) أي للناس (أو يملأ خابية) أو نحوها (ماء على الطريق) أو في مسجده ونحوه، لدلالة الحال على تسبيله (ولو جعل سفل بيته مسجدا، وانتفع بعلوه) أي البيت صح، (أو عكسه) بأن جعل علو بيته مسجدا وانتفع بسفله صح، (أو) جعل (وسطه) أي البيت مسجدا وانتفع بعلوه وسفله، (ولو لم يذكر استطراقا) إلى ما جعله مسجدا (صح) الوقف (3)، (ويستطرق) إليه (كما لو باع) بيتا من داره (أو أجر بيتا من داره) ولم يذكر له استطراقا فإنه يصح البيع والإجارة ويستطرق إليه على العادة، (وصريحة) أي القول: (وقفت، وحبست، وسبلت ويكفي أحدها)