تدبيره) لأنه استعجل ما أجل له فعوقب بنقيض قصده كما حرم القاتل الميراث، ولان ذلك إنما يتخذ وسيلة إلى القتل المحرم لأجل العتق فمنع العتق سدا لذلك بخلاف أم الولد لان إبطال الاستيلاد يفضي فيها إلى نقل الملك فيها ولا سبيل إليه وإن جرح قن سيده فدبره ثم سرى الجرح ومات السيد لم يبطل التدبير وتقدم في الوصية.
باب الكتابة (وهي) اسم مصدر بمعنى المكاتبة سميت بذلك لأن السيد يكتب بينه وبين رقيقه كتابا بما اتفقا عليه، وقيل من الكتب وهو الضم لأن المكاتب يضم بعض النجوم إلى بعض ومنه سمي الحرز كتبا والكتيبة لانضمام بعضها إلى بعض وشرعا (بيع سيد رقيقه) ذكرا كان أو أنثى أو خنثى (نفسه أو) بيعه (بعضه) كنصفه وسدسه (بمال مؤجل في ذمته مباح معلوم يصح فيه السلم منجم) أي مؤجل بأجلين فصاعدا (يعلم قسط كل نجم ومدته) (1) أي مدة النجم من شهر أو سنة ونحوهما. فلا تصح بنحو خمر ولا بمال حال ولا بمعين ولا بمحرم الصناعة كانية ذهب وفضة ولا بمال مجهول، ولا بما لا يصح السلم فيه كجوهر ونحوها مما لا ينضبط بالوصف ولا بمؤجل أجلا واحدا ولو طال. والمراد بالنجم هنا الوقت لان العرب كانت لا تعرف الحساب وإنما تعرف الأوقات بطلوع النجم كما قال بعضهم:
إذا سهيل أول الليل طلع فابن اللبون الحق، والحق الجذع أو بيع السيد رقيقه نفسه أو بعضه به بمنفعة مؤجلة منجمة على أجلين فأكثر (2) واشتراط النجمين فأكثر لأنها مشتقة من الكتب وهو الضم فوجب افتقارها إلى نجمين ليضم أحدهما إلى الآخر، واشتراط العلم بما لكل نجم من القسط والمدة لئلا يؤدي جهل ذلك إلى التنازع ولا يشترط التساوي. فلو جعل أحد النجمين شهرا والآخر سنة، أو جعل قسط أحد النجمين عشرة والآخر خمسة ونحوه جاز. لأن القصد العلم بقدر الاجل وقسطه والأصل في الكتابة قوله تعالى: * (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) * [النور: 33]. وقصة بريرة وقوله (ص) المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم (3) رواه أبو داود. وأجمع المسلمون على مشروعيتها (وهي) أي الكتابة (مندوبة لمن يعلم) سيده (فيه خيرا وهو