وأصله ما روي عن النبي عليه السلام أنه سأله رجل وقال: إن أمي قد ماتت ولم تحج أفأحج عنها؟ فقال: نعم.
وإنما قال يجوز إن شاء الله، لان سقوط الحج بفعل الوارث، بغير أمره، أنما يثبت بخبر الواحد، وإنه لا يوجب العلم قطعا، فلا يحكم بسقوطه عنه قطعا، ولكن علق السقوط بالمشيئة، احترازا عن الشهادة على الله تعالى، من غير علم قطعا.
فأما إذا أوصى، فإنه تصح وصيته من الثلث، لان ديون الله تعالى، من حيث إنه لا يجب بمقابلتها عوض مالي، فهي بمنزلة التبرعات فيعتبر خروجها من الثلث.
ويحج عن الميت من بلده، الذي يسكنه إن بلغ الثلث، ذلك لان الواجب عليه الحج من بلده، الذي هو يسكنه.
ولو أنه خرج إلى بلد آخر، أقرب إلى مكة، فمات فيه وأوصى بالحج ينظر: إن خرج لغير الحج: يحج من بلده بالاتفاق.
فأما إذا خرج للحج ثم مات في الطريق قال أبو حنيفة: يحج من بلده.
وقالا: يحج من حيث بلغ، لان الخروج من بلده، بنية الحج، يعتد من الحج، ولم يسقط اعتباره، بالموت، قال الله تعالى: * (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله) * ألا أن أبا حنيفة قال إنه لما لم يتصل بالحج بذلك الخروج، خرج من أن يكون وسيلة، وإن كان حكم الثواب قائما بوعد الله، ألا ترى أنه إذا خرج إلى السقر، بنية الحج، ثم أقام في بعض البلاد لعذر حتى دارت السنة، ثم مات وأوصى بأن يحج عنه، من بلده، لا من