(فرع) حيث جعلنا للبائع السقي قال الشافعي والأصحاب وإنما له أن يسقى القدر الذي فيه صلاحه وليس له أن يسقى أكثر من المعهود بحيث يتضرر به صاحب النخل فإنه كما يحصل الضرر بالعطش المفرط يحصل بالري المفرط فان اختلفا في ذلك فقال المشترى في كل عشرة أيام سقية وقال البائع في كل خمسة أيام سقية فالمرجع في ذلك إلى أهل الخبرة فما احتاج إليه أجبر الآخر عليه ولو قال أهل الخبرة ان الثمرة لا تفسد بترك السقي بل تسلم الثمرة من غير سقى غير أنها لو سقيت لظهرت زيادة عظيمة والشجر يتضرر بها قال الامام فهذا فيه احتمال عندي يجوز أن يقال يمنع البائع فان الزيادات لا تنضبط فالمرعي الاقتصاد ويجوز أن يقال له أن يسقى لمكان الزيادة على مذهب من يراعى جانبه وهذا بين أن محل الخلاف المتقدم عن أبي إسحاق وابن أبي هريرة إذا كان السقي يضر أحدهما فعله ويضر الآخر تركه وفي هذه المسألة لم يتعارض ضرران وإنما ضرر وزيادة نفع والذي ينبغي ترجيح اجتناب الضرر ومنع البائع من السقي والله أعلم. وأطلق الرافعي احتمال الامام متى كان السقي يضر بواحد وتركه يمنع حصول زيادة للآخر وذلك يشمل الصورة المذكورة وعكسها في كل منهما هل يلحق ذلك بتقابل الضرر فيه احتمالان ولم أرهما في النهاية الا في الحالة الواحدة وجعل الغزالي الاحتمالين المذكورين وجهين والمراد أنه على أحد الاحتمالين يأتي الخلاف السابق بين أبي إسحاق وابن أبي هريرة وعلى الاحتمال الآخر يتعين السقي والله أعلم.
(فرع) القولان اللذان أطلقهما المصنف هل محلهما فيما إذا كان السقي متعذرا أو مطلقا كلام الغزالي والامام يقتضى الأول وجزم في حالة الامكان بوجوب السقي أو القطع على البائع وكلام الشافعي يقتضي الثاني لكنه في حالة انقطاع الماء المعد لذلك وامكان غيره ورأي ابن الرفعة كذلك تنزيل القولين على حالة امكان السقي من غير الماء المعتاد وتنزيل الجزم بوجوب أحد الامرين على ما إذا كان السقي ممكنا بالماء المعد لذلك واستنبطه من كلام الشافعي وقوله أخذ صاحبه بقطعه إلا أن يسقيه متطوعا أخذ من ذلك أن الواجب عند امكان السقي القطع عينا وله أن يسقطه بالسقي الا أن الواجب أحد الامرين كما يقول ذلك في المولى فإن لم يمكن السقي بحالة من الأحوال تعين وجوب القطع لأنه لا مسقط له ولا جرم كان هو الأصح عند الكرخي وغيره وقال النووي ان هذين القولين