ترددا في وجوب الوفاء به ويجب بمقتضى ذلك طرد التردد المذكور في الثمرة المؤبرة ولو قيل إنه لا يصح البيع بشرط قطعها لان فيه تنقيص ماليتها لم يبعد.
قال المصنف رحمه الله تعالى.
(فان أصاب النخل عطش وخاف أن تشرب الثمرة الماء من أصل النخل فيهلك ففيه قولان (أحدهما) لا يكلف البائع قطع الثمرة لان المشترى دخل في العقد على أن يترك الثمار إلى الجذاذ فلزمه تركه (والثاني) أنه يكلف قطعه لان المشترى إنما رضى بذلك إذا لم يضر به فإذا أضر به لم يلزمه تركه فان احتاج أحدهما إلى سقى ماله ولم يكن على الآخر ضرر جاز له أن يسقيه لان اصلاح لما له من غير اضرار بأحد فجاز وإن كان على الآخر ضرر في السقي وتشاحا ففيه وجهان. قال أبو إسحاق يفسخ العقد لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر في الاضرار فوجب أن يفسخ. وقال أبو علي بن أبي هريرة يجبر الممتنع منهما لأنه حين دخل في العقد رضى بدخول الضرر عليه لأنه يعلم أنه لابد من السقي ويجب أجرة السقي على من يسقى لان منفعته تحصل له).
(الشرح) تقدم أن الثمرة إذا بقيت للبائع لا يكلف قطعها إلى أوان الجذاذ ومن ضرورة ذلك أن يمكن من سقيها فيلزم المشترى تمكينه وقد لا يسقي البائع فيحصل للمشترى الضرر وقد يحصل الضرر من السقي أيضا وذكر المصنف تفصيل ذلك في هذا الفصل في مسألتين (المسألة الأولى) إذا عطشت النخل وكان قد باعها وهي مؤبرة وبقينا الثمار للبائع فعطشت النخيل وانقطع الماء ولم يتمكن من سقيها وكان تركها عل الأصول يضر بالأصول ولا يضر بالثمرة فإن كان الضرر ويسيرا أجبر المشترى عليه هكذا قاله القاضي أبو الطيب وغيره ونص عليه الشافعي فرضي الله عنه في الام وإن كان كثيرا بأن كان يخاف على الأصول الجفاف أو نقصان حملها في المستقبل نقصانا كثيرا وعلى ذلك يجب حمل كلام المصنف ففيه قولان منصوصان في الام في هذا الموضع وحكاهما الأصحاب كما حكاهما المصنف نقلا وتعليلا وعبارة الشافعي في الام ففيها قولان ثم ذكر قول الاجبار ولم أره ذكر القول الآخر فتأملت كلامه إلى آخره تأملا كثيرا فلم أفهم الثاني منه فلعله تركه اما لوضوحه أو لضعفه (والأصح من القولين) الثاني القائل بالاجبار وممن صححه الروياني وابن أبي عصرون والنووي ورجحه الروياني بأن ضرر الأصول أكثر وجزم به الفوراني ونقل الرافعي تصحيحه عن الكرخي وصححه في المحرر وقد ذكر الماوردي