إن لا ترجعوا عن الخصومة أو ما في معنى ذلك فذلك وإن كانت صورته صورة التعليق فليس المراد منه التعليق فان رجوعهم عن الخصومة في المستقبل في حق كل أحد لا يعلم ولا يمكن أن يبقى الحكم موقوفا على ذلك فالمراد والله أعلم أنه أنشأ النهي لأجل ذلك وكأنه استعمل بمعنى إذ التي تستعمل للتعليل ومما يرشد إلى أن النهي حتم قوله نهى البائع والمشترى فإنه تأكيد للمنع وإن كان لمصلحة المشترى وقال ابن المنذر أجمع أهل العلم على القول بجملة هذا الحديث وقال أبو الفتح القشيري أكثر الأمة على أن هذا النهى نهى تحريم وقوله في حديث أنس (أرأيت إن منع الله تعالى الثمرة فبم بأخذ أحدكم مال أخيه) وقد ورد في بعض الروايات الصحيحة بيان أنه من كلامه صلى الله عليه وسلم وذلك من طريق مالك رحمه الله والدراوردي وخالفهما سفيان الثوري وإسماعيل بن جعفر عن حميد فجعلاه من كلام أنس واتقان مالك رحمه الله وضبطه مع كونه لا تنافي بينه وبين ما رواه سفيان يقتضي الحكم بكون ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وبكون أنس قاله من كلامه لم يأت فيه بالرفع وان عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم فروى عنه كذلك على الوجهين ويثبت كونه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد زعم بعض شارحي التنبيه أن الشافعي رضي الله عنه انفرد عن جمهور المحدثين برفعه وليس كذلك فقد رواه جماعة عن مالك غير الشافعي ورواه مع مالك عن حميد الدراوردي كما رأيت والله أعلم. (أما) الأحكام فقد قسم الشافعي والأصحاب بيع الثمرة إلى قسمين (القسم الأول) أن يبيعها قبل بدو الصلاح وذلك على قسمين (الأول) أن تباع مفردة عن الأشجار وذلك على قسمين (الأول) أن تكون الأشجار للبائع أو لغير المتعاقدين فبيع الثمرة حينئذ على ثلاثة أقسام وهذا التقسيم أحسن وان شئت تقول وهو أقرب إلى كلام المصنف ان بيع الثمرة على قسمين (الأول) أن يبيعها قبل بدو الصلاح وذلك على قسمين (الأول) أن تباع من غير مالك الأصل وذلك على قسمين (الأول) أن تكون مفردة عن الأشجار وذلك على ثلاثة أقسام (الأول) أن يبيعها بشرط التبقية فبيعها باطل بلا خلاف للأحاديث السابقة (الثاني) أن يبيعها بشرط القطع فالبيع صحيح بلا خلاف لأنه بالقطع يزول المحذور من الآفة والعاهة وممن صرح بالاجماع في المسألتين الشيخ أبو حامد والرافعي وغيرهما ونقل ابن حزم في كتابه المحكى عن سفيان الثوري وابن أبي ليلى منع بيع الثمرة قبل بدو صلاحها جملة لا بشرط القطع ولا بغيره والشافعي رضي الله عنه أخذ جواز بيعها بشرط القطع من قوله صلى الله عليه وسلم (أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه) كذلك قال في الام فان الثمرة
(٤١٢)