(الشرح) تقدم في كلام المصنف أن المخيض لبن نزع منه الزبد فلذلك لم يحتج إلى تقييده بأن يكون منزوع الزبد فإذا كان زبده فيه لا يجوز بيعه فلا يباع بمثله ولا بزبد ولا سمن. أما المنزوع الزبد وهو الدوغ فيباع بالزبد والسمن نص عليه الشافعي والأصحاب. وأما بيعه بمثله فإن لم يكن فيه ماء جاز المماثلة جزم بذلك الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والمحاملي وابن الصباغ والرافعي والقاضي حسين ومال المتولي إلى المنع لأنه ليس على حالة الادخار ولا على حال كمال المنفعة فليكن كبيع الدقيق بالدقيق فإنه مجهول التساوي حالة الكمال وان طرح فيه ماء للضرب وهو (1) لم يجز جزم به أبو الطيب والقاضي حسين وصاحب التتمة وقال إنه لا خلاف فيه كما ذكره المصنف وهو مقتضى كلام الرافعي ولا فرق فيما فيه ماء بين أن يباع بمثله أو بالخالص وممن صرح بذلك القاضي حسين. واعلم أن الشافعي رضي الله عنه نص على أنه لا يجوز السلف في المخيض قال لأنه لا يكون مخيضا إلا باخراج زبده وزبده لا يخرج إلا بالماء ولا يعرف المشترى كم فيه من الماء لخفاء الماء في اللبن انتهى. وهذا الكلام من الشافعي يقتضى أنه لا يجوز بيع المخيض بالمخيض مطلقا فإن كان في المخيض ما يتصور نزع الزبد منه بغير ماء صح كلام الأصحاب ولزم القول بجواز السلم فيه وكذلك أطلق الصيمري أنه لا يجوز بيع المخيض بالمخيض لأجل الماء وكذلك قال الماوردي انه لا يجوز بيع بعضه ببعض إلا أن طريق اخراج الزبد بغير ماء فيجوز بيعه بمثله فينزل كلام المصنف على ذلك.
(١٨٥)