لا يرجح بشئ منها. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
وقال الأوزاعي: أقسط على عدد الشهود فاجعل لصاحب الشاهدين الثلث و لصاحب الأربعة [224 / أ] الثلثين.
يدل على مذهبنا ما روى أبو بصير عن أبي عبد الله أن عليا (عليه السلام) أتاه قوم يختصمون في بغلة، فقامت لهؤلاء بينة أنهم أنتجوها لم يبيعوها ولم يهبوها وقامت لهؤلاء البينة بمثل ذلك فقضى بها لأكثرهم بينة واستحلفهم (1).
وأما إذا تعارضت البينتان على وجه لا ترجيح لإحداهما - فقد قلنا - أقرع بينهما، فمن خرج اسمه حلف وأعطي الحق، وقد روي أنه يقسم بينهما نصفين، وبهذين القولين قال الشافعي، وقوله الثالث: إنهما يسقطان، والرابع يوقف أبدا.
يدل على مذهبنا ما رواه سعيد بن المسيب: أن رجلين اختصما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمر، وجاء كل واحد منهما بشهود عدول على عدة واحدة، فأسهم بينهما، وقال: اللهم أنت تقضي بينهما، وهذا نص. وقد روي أنه قسم بينهما نصفين (2).
وإذا ثبت أن الشاهد شهد بالزور، عزر وأشهر وأبطل الحاكم حكمه إن كان حكم بها و رجع على المحكوم له بما أخذ، إن أمكن، وإلا على شاهد الزور، وإن كان ما شهد به قتلا أو جرحا أو حدا اقتص منه (3)، وكيفية الشهر أن ينادى عليه في قبيلته أو سوقه أو مسجده وما أشبه ذلك: بأن هذا شاهد زور فاعرفوه، ولا يحلق رأسه ولا يركب، ولا يطاف به، لأنه لا دلالة على ذلك. وبه قال الشافعي.
وقال عمر بن الخطاب: يجلد أربعين سوطا، ويسخم وجهه، ويركب ويطاف ويطال حبسه (4)، إذا شهدا بدين أو عتق، وحكم بذلك عليه، ثم رجعا، كان عليهما الضمان.
واختلف أصحاب الشافعي على طريقين: قال أبو العباس وشيوخ أصحابه: على قولين، ومنهم من قال لا غرم عليهما قولا واحدا. قال أبو حامد: والمذهب على طريقين كما قال أبو العباس: أحدهما لا ضمان عليه، وهو الضعيف. والآخر عليهما الضمان وهو الأصح، و به قال أبو حنيفة (5).