لنا مضافا إلى إجماع الإمامية وأخبارهم: ما رواه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:
البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة (1)، وقوله للأنصار لما ادعت على اليهود أنهم قتلوا عبد الله (2) بخيبر: تحلفون خمسين يمينا، وتستحقون دم صاحبكم، فقالوا: أمر لم نشاهده، كيف نحلف عليه فقال: يحلف اليهود خمسين يمينا، فقالوا: لا نرضى بأيمان قوم كفار، فوداه (عليه السلام) من عنده (3).
إذا حلف المدعون على قتل عمد، وجب القود على المدعى عليه، وبه قال مالك وأحمد [222 / أ] والشافعي في قوله القديم. وقال في الجديد: لا يشاط به الدم - أي لا يسفك - وإنما تجب به الدية مغلظة في ماله حالة، وبه قال أبو حنيفة وإن خالف في هذا الأصل (4).
وروى أصحابنا أن القسامة في قتل الخطأ خمسة وعشرون رجلا (5)، وعند الشافعي لا فرق بين أنواع القتل، والقسامة في جميعها خمسون (6).
والقسامة تراعي فيها خمسون من أهل المدعي يحلفون، فإن لم يكونوا حلف الولي خمسين يمينا. وقال من وافقنا في القسامة: أنه لا يحلف إلا ولي الدم خمسين يمينا (7).
والقسامة فيما فيه دية كاملة [من الأعضاء] ستة نفر، وفيما نقص من العضو بحسابه، و أدنى ذلك رجل واحد في سدس العضو، (8) أي إن كان مما يجب فيه سدس الدية، ففيه يمين واحد.
وقال جميع الفقهاء: لا قسامة في الأطراف، وإنما هي في النفس وحدها، إلا أن الشافعي قال: إذا ادعي قطع طرف يجب فيه الدية كاملة، كان على المدعى عليه اليمين، وهل يغلظ اليمين أم لا فيه قولان (9).
إذا كان المدعي واحدا فعلية خمسون يمينا بلا خلاف، وكذلك المدعى عليه إن كان واحدا، وإن كان المدعون جماعة فعليهم خمسون يمينا كما ذكرنا، ولا يلزم كل واحد خمسون يمينا، وكذا في المدعى عليه.