لأنه لم يفصل بين أن يكون القتل بمحدد أو غيره، وما رووه من قوله (عليه السلام): ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل، وأنا والله عاقلته، فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين: إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية، لأنه لم يفرق أيضا (1).
والخطأ المحض، وهو ما وقع من غير قصد، إليه، ولا إيقاع سببه بالمقتول، نحو أن يقصد المرء رمي طائر مثلا فيصيب إنسانا فقتله، بلا خلاف.
والخطأ شبيه العمد، هو ما وقع من غير قصد إليه، بل إلى إيقاع ما يحصل القتل عنده بما لم تجر العادة بانتفاء الحياة بمثله نحو أن يقصد المرء تأديب من له تأديبه أو معالجة غيره بما جرت العادة بحصول النفع عنده، من مشروب، أو فصد أو غيرهما.
وبما قلنا من أقسام القتل قال أبو حنيفة والشافعي.
وقال مالك [201 / أ]: القتل ضربان: عمد محض، وخطأ محض، وما سميناه شبيه العمد جعله عمدا، وأوجب فيه القود.
والحجة على مالك قوله (عليه السلام): ألا إن دية الخطأ شبيه العمد ما كان بالسوط والعصا مئة من الإبل راويه عبادة بن صامت (2)، وما رواه أيضا عبد الله بن عمر أن النبي (عليه السلام) قال: ألا إن في قتل العمد الخطأ بالسوط والعصا مئة من الإبل وهذا نص (3).
والضرب الأول من القتل موجبة القود بشروط:
منها أن يكون غير مستحق بلا خلاف.
ومنها أن يكون القاتل بالغا كامل العقل، فإن حكم العمد ممن ليست هذه حاله حكم الخطأ (4). روى أصحابنا أن عمد الصبي والمجنون وخطأهما سواء، فعلى هذا يسقط القود عنهما والدية محققة على العاقلة.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: ما قلنا والآخر: أن الدية في قتلهما دية العمد المحض مغلظة حالة في ماله، وقال في المجنون: إذا شرب شيئا أو أكل جن منه، فكان كالسكران