إذا قال: وقدرة الله، أو وعلم الله، أو وحياة الله، وقصد به كونه قادرا عالما حيا كان ذلك يمينا بالله، وإن قصد بذلك المعاني والصفات التي يثبتها الأشعري لم يكن حالفا بالله، وبه قال أبو حنيفة، لقيام الدلالة على أنه تعالى يستحق هذه الصفات لنفسه. وقال أصحاب الشافعي: كل ذلك يمين بالله (1).
إذا حلف بالقرآن أو سورة من سوره، لم يكن ذلك يمينا، ولا كفارة بمخالفتها، لما ثبت أن اليمين بغير الله لا ينعقد، فكلام الله غير الله، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. وقال الشافعي:
يكون ذلك يمينا ويلزم بخلافها الكفارة (2) إذا قال: لعمر الله - ونوى يمينا - كان يمينا، وقال أبو حنيفة: يكون يمينا إذا أطلق أو أراد يمينا، وهو أحد قولي الشافعي. والآخر أنه إذا أطلق أو لم يرد لم يكن يمينا (3).
إذا قال [193 / أ] وحق الله، لا يكون يمينا، قصد أو لم يقصد، لأنه لا دلالة على كونه يمينا. وأيضا فإن حقوق الله هي الأمر والنهي والعبادات كلها، فإذا حلف بذلك كان يمينا بغير الله، وبه قال أبو حنيفة ومحمد. وقال الشافعي: يكون يمينا إذا أطلق، أو أراد يمينا (4).
واليمين التي لا تنعقد، ولا كفارة فيها، فيما عدا ما ذكرناه، مثل أن يحلف الإنسان على ماض هو كاذب فيه، أو يقول: لا والله، وبلى والله، من غير أن يعقد ذلك بالنية، وهذه يمين اللغو، أو يحلف أن يفعل، أو يترك ما يكون خلافه طاعة لله تعالى، واجبة أو مندوبا إليها، أو يكون أصلح له في دنياه وقد ذكرناها قبل والخلاف فيها.
ويحتج على المخالفين بقوله (عليه السلام) من حلف على شئ فرأى ما هو خير منه فليأت الذي هو خير منه وتركه كفارتها، ويخص اليمين على المعصية، أن معنى انعقاد اليمين، أن يجب على الحالف، أن يفعل أو يترك ما علق اليمين به، وهذا لا يصح في المعصية لأن الواجب تركها، و ليس لأحد أن يقول: معنى انعقاد اليمين لزوم الكفارة بالمخالفة، لأن ذلك تابع لانعقاد اليمين و موجب عنه فكيف يفسر الانعقاد به (5).
لا تنعقد اليمين على ماض، سواء كانت على نفي أو إثبات، ولا تجب بها الكفارة، صادقا كان أو كاذبا، عالما كان أو ناسيا. وبه قال مالك وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد.