وأما الزوج إذا نشز على المرأة وكره المقام معها وهي راغبة (١) فيه فلا بأس أن تبذل له على استدامة المقام معه شيئا من مالها، وتسقط عنه فرض نفقتها والليلة التي لها منه، و يصطلحها على ذلك قال الله تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا [١٦٥ / أ] فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير} (٢).
والشقاق بين الزوجين يكون بأن يكره كل واحد منهما صاحبه، ويقع بينهما الخصام، و لا يستقر بينهما صلح لا على طلاق، ولا على مقام من غير شقاق، فأيهما رفع الخبر إلى الحاكم، فعليه أن يبعث رجلين مأمونين أحدهما من أهل الزوج والآخر من أهل المرأة ينظران بينهما، فإن أمكنهما الإصلاح نجزاه، وإن رأيا أن الفرقة أصلح، أعلما الحاكم بذلك ليرى رأيه.
وليس له إجبار الزوج على الطلاق إلا أن يمنع من حقوق الزوجة واجبا عليه قال الله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} ﴿٣﴾ (4).
إذا أنشزت المرأة، ضربها بنفس النشوز. وللشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني: إنه لا يحل له حتى تصر وتقيم عليه.
وظاهر الآية يدل على أن الضرب لنفس النشوز لأنه قال: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن} إلى قوله {واضربوهن} المراد واضربوهن لنشوزهن (5).
بعث الحكمين في الشقاق على سبيل التحكيم، لا على سبيل التوكيل، وبه قال علي (عليه السلام) و ابن عباس، وهو أحد قولي الشافعي. والقول الآخر أن ذلك على سبيل التوكيل. وبه قال أبو حنيفة.
لنا أن ظاهر قوله تعالى: {فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها} يدل على التحكيم لأنه لم يقل وكيلا من أهله.
وأيضا فإن الخطاب إذا ورد مطلقا فيما طريقه الأحكام كان منصرفا إلى الأئمة والقضاة كقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} (6) و {الزانية والزاني