وهذا النكاح أعني نكاح المتعة مباح لا خلاف بين أصحابنا وبه قال علي (عليه السلام) على ما رواه أصحابنا. وروي ذلك عن ابن مسعود وجابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع (1) وأبي سعيد الخدري وابن عباس والمغيرة بن شعبة (2) ومعاوية بن أبي سفيان (3) وسعيد بن جبير و مجاهد، وعطاء، خلافا لجميع الفقهاء.
لنا ما يدل على مذهبنا أولا أن الأصل الإباحة، والتحريم يحتاج إلى دليل شرعي قطعي، وأيضا فإن هذا النكاح كان مباحا في عهد النبي (عليه السلام) بلا خلاف وإنما ادعي النسخ [167 / أ] وعلى من ادعاه الدليل، وقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} (4) و هذا مما طاب له منهن، وقوله: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن} (5) وفي قراءة ابن مسعود فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، ولفظة الاستمتاع لا تفيد عند الإطلاق إلا نكاح المتعة (6).
فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون المراد بالاستمتاع الالتذاذ هاهنا والانتفاع دون العقد المخصوص بدليل أن قوله: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} يتناول عقد الدوام بلا خلاف.
قلنا: لا يجوز حمل الاستمتاع على ما ذكر لأمرين: أحدهما: أنه يجب حمل الألفاظ الواردة في القرآن على ما يقتضيه العرف الشرعي، دون الوضع اللغوي، على ما تبين في أصول الفقه، والثاني: أن الإلتذاذ لا اعتبار به في وجوب المهر، لأنا لو قدرنا ارتفاعه عمن وطئ زوجته ولم يلتذ، لأن نفسه كرهتها، أو لغير ذلك، لوجب المهر بالاتفاق، فثبت أن المراد ما قلناه.
وأما إباحته تعالى بالآية نكاح الدوام، فغير مناف لما ذكرناه، من إباحة نكاح المتعة، لأنه سبحانه عم الأمرين جميعا، لقوله: {وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم