فهي لي، فكان كما قال (عليه السلام)، فردت إليه فأعطى كل امرأة أوقية من ذلك المسك، وأعطى سائره أم سلمة وأعطاها الحلة وهذا نص (1).
وقول المخالف: " جواز الرجوع في الهبة ينافي القول بأنها تملك بالقبض " يبطل بالمبيع في مدة الخيار، فإنه يجوز الرجوع فيه وإن ملك بالعقد، وتعلقهم بما رووه من قوله (عليه السلام): الراجع في هبته كالراجع في قيئه، لا يصح، لأنه خبر واحد، ثم معارض بأخبار واردة من طرقهم في جواز الرجوع، على أن الألف واللام إن كانتا للجنس، دخل الكلب فيمن أريد باللفظ، وإن كانتا للعهد، فالمراد الكلب خاصة، لأنه لا يعهد الرجوع في القئ إلاله. وعلى الوجهين، لا يجوز أن يكون المستفاد بالخبر التحريم، لأن الكلب لا تحريم عليه، بل يكون المراد الاستقذار والاستهجان، وقد روي من طريق آخر: الراجع في هبته كالكلب يعود في قيئه، وذلك يصحح ما قلناه، على أنه لو دل على التحريم (2) لخصصنا بالموضع الذي يذهب إليه بالدليل.
والهبة في المرض المتصل بالموت، محسوبة من أصل المال، لا من الثلث (3).
وفي الخلاف للشيخ: إذا وهب في مرضه المخوف شيئا وأقبضه ثم مات، فمن أصحابنا من قال: لزمت الهبة في جميع الموهوب، ولم يكن للورثة فيها شئ. ومنهم من قال: يلزم في الثلث، ويبطل فيما زاد، وبه قال جميع الفقهاء (4).
لنا أن الهبة لا تجري مجرى الوصية، لأن حكم الهبة منجز في حال الحياة، وحق الورثة لا يتعلق بالمال في تلك الحال، وحكم الوصية موقوف إلى بعد الوفاة وحق الورثة يتعلق بالمال في ذلك الوقت فكانت محسوبة من الثلث. وهبة المشاع جائزة سواء مما يمكن قسمته أو لا يمكن، بدلالة عموم الأخبار الواردة في جواز الهبة لأنه لا فصل فيها بين المشاع وغيره، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وسائر الفقهاء، إلا أن أبا حنيفة قال: هبة المشاع فيما لا يمكن قسمته مثل الحيوان والجواهر والرحى والحمامات وغيرها يصح، فأما ما ينقسم فلا يجوز هبته.
لنا ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) [أنه] قال يوم خيبر: مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس،