ولو وقف على أولاده وفيهم موجود صح، ودخل في الوقف من سيولد له على وجه التبع، لأن الاعتبار باتصال الوقف في ابتدائه لمن هو من أهل الملك.
ويصح الوقف على المساجد والقناطر وغيرهما، لأن المقصود بذلك مصالح المسلمين، وهم يملكون الانتفاع.
ومنها أن يكون الوقوف مؤبدا غير منقطع، فلو قال: وقفت كذا سنة لم يصح (1)، وللشافعي فيه قولان: أحدهما ما قلناه. والثاني أنه يصح، فإذا مضت المدة صرف إلى الفقراء ويبدأ بقراباته لأنهم أو لي بصدقته (2).
وأما قبض الموقوف عليه أو من يقوم مقامه فشرط في اللزوم (3) وبه قال محمد بن الحسن، خلافا للشافعي والباقين، فإن عندهم ليس القبض من شرط لزومه (4).
ويدل على صحة ما اعتبرناه من الشرط بعد إجماع الإمامية أنه لا خلاف في صحة الوقف ولزومه إذا تكاملت هذه الشروط وليس على صحته ولزومه إذا لم تتكامل دليل.
وإذا تكاملت هذه الشروط زال ملك الواقف، ولم يجز الرجوع في الوقف له، ولا تغييره عن وجوهه ولا سبيله إلا على وجه نذكره (5)، وعليه أكثر أصحاب الشافعي، وخرج ابن سريج قولا آخر وهو أنه لا يزول ملكه، لقول النبي (صلى الله عليه وآله): حبس الأصل وسبل الثمرة، وتحبيس الأصل يدل على بقاء الملك وليس ما ذكره بشئ لأن معنى التحبيس في الوقف هو أنها صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث (6).
في البداية قال أبو حنيفة: لا يزول ملك الواقف إلا أن يحكم به الحاكم. وقال أبو يوسف: يزول بمجرد القول. وقال محمد: لا يزول حتى يجعل للوقف وليا ويسلمه إليه، وإذا صح الوقف على اختلافهم خرج من الواقف ولم يدخل في ملك الموقوف عليهم (7).
وفي الخلاصة إذا وقف على رجل شيئا ففي ملك الرقبة ثلاثة أقوال أحدها أنه للواقف بدليل اتباع شرطه والثاني أنه للموقوف عليه بدليل اختصاصه، والثالث أنه لله.
لنا أنه لا خلاف في انقطاع تصرف الواقف في الرقبة والمنفعة، وهذا هو معنى زوال الملك