عندنا تقتضي الثواب بدلالة عموم الأخبار التي رواها أصحابنا أن الهبة تقتضي الثواب ولم يخصوا منها نوعا دون نوع، وقال جميع الفقهاء: إنها إذا كانت لمن فوقه، أو لمن مثله لا تقتضي الثواب، وإذا كانت لمن دونه اختلفوا، فقال أبو حنيفة: لا تقتضي الثواب، وبه قال الشافعي في الجديد، وقال في القديم: أنها تقتضي الثواب (1).
وإذا اقتضت الثواب فلا يخلو إما أن يطلق، أو يشرط الثواب، فإن أطلق فإنه يقتضي ثواب مثله على ما جرت العادة.
وللشافعي على قوله أنها تقتضي الثواب ثلاثة أقوال: أحدها مثل ما قلنا. والثاني يثيبه حتى يرضى الواهب. والثالث يثيبه بقدر قيمة الهبة أو مثلها (2).
وإذا شرط الثواب، فإن كان مجهولا صح، لأنه وافق ما يقتضيه الإطلاق، وإن كان معلوما كان أيضا صحيحا. وللشافعي فيه قولان: أحدهما: يصح، لأنه إذا صح مع الجهل، فمع العلم أولى. والثاني: لا يصح (3).
ومن السنة الإهداء، وقبول الهدية إذا عريت من وجوه القبح، ومتى قصد بها وجه الله وقبلت لم يجز له الرجوع فيها، ولا التعوض عنها، وكذا إن قصد بها التكرم والمودة الدنيوية وتصرف فيها من أهديت إليه، وكذا إن قصد بها العوض عنها فدفع وقبله المهدى، وهو مخير في قبول الهدية وردها، ويلزم العوض عنها بمثلها كما ذكرناه والزيادة أفضل. ولا يجوز التصرف فيها إلا بعد التعويض، أو العزم إليه. (4)