وقال أبو يوسف: لا يجوز إلا في الأراضي، والدور، والكراع، والسلاح، والغلمان تبع للضيعة الموقوفة، فأما على الانفراد فلا يجوز.
ووقف المشاع جائز عند أبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز.
لنا عموم الأخبار في جواز الوقف، وما رووه أن أم معقل (1) جاءت إلى النبي (عليه السلام) فقالت:
يا رسول الله إن أبا معقل (2) جعل ناضحه في سبيل الله، وإني أريد الحج أفأركبه؟ فقال النبي (عليه السلام): اركبيه، فإن الحج والعمرة في سبيل الله، وفي الوقف المشاع قوله (عليه السلام) لعمر في سهام خيبر: حبس الأصل وسبل الثمرة، والسهام كانت مشاعة لأن النبي (عليه السلام) ما قسم خيبر وإنما عدل السهام [134 / ب] (3).
ولا يجوز وقف الدراهم والدنانير بلا خلاف، لأن الموقوف عليه لا ينتفع بها مع بقاء عينها في يده.
ومنها: أن يكون الموقوف عليه غير الواقف، فلو وقف على نفسه لا يصح وفي ذلك خلاف (4)، وبه قال الشافعي. وقال أبو يوسف وابن أبي ليلى وابن شبرمة والزهري وابن سريج: يصح وقفه على نفسه.
لنا أن الوقف تمليك، ولا يصح أن يملك الإنسان نفسه ما هو ملك له (5).
وفي البداية: إذا جعل الواقف غلة الوقف لنفسه، أو جعل الولاية إليه جاز عند أبي يوسف.
وأما إذا وقف شئ على المسلمين عامة فإنه يجوز له الانتفاع به بلا خلاف لأنه يعود إلى أصل الإباحة فيكون هو وغيره فيه سواء (6).
ومنها: أن يكون معروفا متميزا يصح التقرب إلى الله تعالى به بالوقف وهو ممن يملك المنفعة حالة الوقف، فلا يصح أن يقف على شئ من معابد أهل الضلال، ولا على مخالف أهل الإسلام أو معاند للحق إلا أن يكون ذا رحم، ولا على أولاده ولا ولد له، ولا على الحمل قبل انفصاله، ولا على عبد، بلا خلاف.