الأجرة وجبت بالعقد، وإذا لم يستوف المنفعة مع التمكن منها فقد ضيع حقه، وذلك لا يسقط حق المؤجر.
وإذا قال: آجرتك هذه الدار كل شهر بكذا، صح العقد وإن لم يعين آخر المدة، لأن الأصل جوازه والمنع يحتاج إلى دليل (1)، وهو مذهب أبي حنيفة، وفي البداية: من استأجر دارا كل شهر بدرهم، فالعقد صحيح في شهر واحد فاسد في بقية الشهور إلا أن يسمي جملة الشهور معلومة، فإن سكن الشهر الثاني ساعة صح العقد فيه (2). وقال بعض أصحاب الشافعي هذه إجارة باطلة (3)، وفي الخلاصة ولا يصح الإجارة مشاهرة حتى يذكر مدة محصورة.
ويستحق الأجرة للزمان المذكور بالدخول فيه، ويجوز الفسخ بخروجه ما لم يدخل في الثاني، ومن أصحابنا من قال: لا يجوز أن يؤجر مدة قبل دخول ابتدائها، لافتقار صحة الإجارة إلى التسليم، ومنهم من اختار القول بجواز ذلك وهو أولى لقوله تعالى: {أوفوا بالعقود} (4) وقوله (عليه السلام): المؤمنون عند شروطهم، وأما التسليم فهو مقدور عليه حين استحقاق المستأجر وتعذره قبل ذلك لا ينافي عقد الإجارة.
ولا يجوز أن يؤجر بأكثر مما استأجره من جنسه - سواء كان المستأجر هو المؤجر أو غيره - إلا أن يحدث فيما استأجره حدثا يصلحه (5) وبه أي بجوازه قال الشافعي إلا أنه لم يراع إحداث الحدث.
وقال أبو حنيفة: إن آجرها من المكري بمثل تلك الأجرة أو أقل منها فإنه يجوز، وبأكثر منها لا يجوز.
وإن آجرها من غير المكري فكما قلناه (6).
لنا أنه لا خلاف في جواز ذلك بعد الحدث ولا دليل على جوازه قبله.
ولا بأس بذلك مع اختلاف الجنس، مثل أن يستأجر بدينار، فيؤجره بأكثر من قيمته من العروض، لأن الربا لا يدخل مع الاختلاف، ولأن الأصل في العقل [130 / أ] والشرع جواز التصرف فيما يملك إلا لمانع.