وقال أبو حنيفة والشافعي: إذا وقفا ثم ذهبا لا ضمان عليه [127 / ب] وإذا ذهبا عقيب الحل والفتح عليه الضمان في أحد قولي الشافعي، والأصح عندهم أن لا ضمان عليه، وبه قال أبو حنيفة (1).
ومن غصب عبدا فأبق، أو بعيرا فشرد، فعليه قيمته، فإذا أخذها صاحب العبد أو البعير ملكها بلا خلاف، ولا يملك الغاصب العبد، فإن عاد انفسخ الملك عن القيمة ووجب ردها وأخذ العبد، لأن أخذ القيمة إنما كان لتعذر أخذ العبد والحيلولة بينه وبين مالكه، ولم يكن عوضا على وجه البيع، لأنا قدمنا أن القيمة يتعجل هاهنا، وملك القيمة بدلا عن [ال] - عين الفائتة بالإباق لا يصح على وجه البيع، لأن البيع يكون فاسدا عندنا وعند المخالف أيضا وعند بعض المخالفين في هذه المسألة يكون موقوفا، فإن عاد العبد تسلمه المشتري، وإن لم يعد رد البايع الثمن. ولما ملكت القيمة هاهنا - والعبد آبق ولم يجز الرجوع بها مع تعذر الوصول إلى العبد - ثبت أن ذلك ليس على وجه البيع (2)، وبما قلنا في هذه المسألة قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: إذا ملك صاحب العين - عبدا كان أو غيره - قيمتها ملكها الغاصب بها وكانت القيمة عوضا عنها، فإن عادت العين إلى يد الغاصب نظرت، فإن كان المالك أخذ القيمة بتراضيهما، أو ببينة ثبتت عند الحاكم، وحكم الحاكم بها، لم يكن للمالك سبيل إلى العين.
وإن كان المالك قد أخذ القيمة بقول الغاصب مع يمينه، لأنه الغارم نظرت، فإن كانت القيمة مثلها أو أكثر فلا سبيل للمالك عليها، وإن كان أقل من قيمتها فللمالك رد القيمة واسترجاع العين، لأن الغاصب ظلم المالك في قدر ما أخذه به من القيمة.
فالخلاف في فصلين: أحدهما: أن الغاصب بدفع القيمة ملك أم لا عندهم قد ملك.
والثاني: إذا ظهرت العين، فصاحبها أحق بها، وترد عليه، وعند أبي حنيفة لا ترد عليه.
لنا أنه قد ثبت أن العين كان ملكا لمالكها، فمن ادعى زواله إلى ملك غيره فعليه الدلالة (3).
إذا غصب ألف درهم من رجل، وألفا من آخر، فخلط الألفين، فالألفان شركة بين المالكين، وفاقا للشافعي، وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: يملك الغاصب الألفين، ويضمن لكل واحد منهما بدل ألفه، بناء منه على أصله في تغير الغصب في يد الغاصب.