وإذا ملك المستأجر التصرف بالعقد، جاز أن يملكه غيره، على حسب ما يتفقان عليه، من زيادة أو نقصان، اللهم إلا أن يكون استأجر الدار - على أن يكون هو الساكن - والدابة على أن يكون هو الراكب، فإنه لا يجوز - والحال هذه - إجارة ذلك لغيره على كل حال.
والإجارة عقد لازم من كلا الجانبين، لا ينفسخ إلا بحصول عيب من قبل المستأجر نحو أن يفلس بالأجرة فيملك المؤجر الفسخ، أو من قبل المستأجر مثل انهدام المسكن أو غرفه على وجه يمنع من استيفائه المنفعة فيملك المستأجر الفسخ، ويسقط عنه الأجرة إلى أن يعيد المالك المسكن إلى الحالة الأولى، لأن المعقود عليه قد فات، اللهم إلا أن يكون ذلك بتعدي المستأجر فيلزمه الأجرة والضمان (1) وبما قلنا قال الشافعي ومالك.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن الإجارة يجوز فسخها لعذر، قالوا: إذا اكترى الرجل جملا ليحج به، ثم بدا له من الحج، أو مرض فلم يخرج، كان له أن يفسخ الإجارة، وكذا إذا اكترى دكانا ليتجر فيه فذهب ماله فإنه يجوز له أن يفسخ الإجارة، قال: وبمثل هذه الأعذار لا يكون للمكري الفسخ، وأصحابه يقولون: للمكري الفسخ لعذر كالمكتري (2).
وتنفسخ الإجارة بموت أحد المتعاقدين (3) وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وقال الشافعي: الموت لا يفسخ الإجارة من أيهما كان، وبه قال مالك وأحمد، وفي أصحابنا من قال:
موت المستأجر يبطلها، وموت المؤجر لا يبطلها، قال الشيخ: لا يتعول على هذا القول، وادعى إجماع الإمامية على الأول وقال: من خالف في ذلك من أصحابنا لا يؤثر خلافه في دلالة الإجماع وأيضا فإن المستأجر دخل على أن يستوفي المنفعة لنفسه وقد فات (4).
ولا يملك المستأجر فسخ الإجارة بالسفر وإن كان ذلك بحكم الحاكم، ولا لغير ذلك من الأعذار المخالف [- ة] كما قدمنا ذكره مثل أن يستأجر جملا للحج فمرض، أو يبدو له في الحج، أو حانوتا ليتجر فيه ببيع للبز وشرائه فيحترق بزه، أو يأخذ ماله اللصوص.
ولا تنفسخ الإجارة بالبيع، وعلى المشتري إن كان عالما بالإجارة الإمساك عن التصرف، حتى تنقضي مدتها، وإن لم يكن عالما بذلك، كان الخيار له في الرد بالعيب (5)، وهو أحد قولي الشافعي. والثاني أن البيع باطل إذا كان من أجنبي. وإذا باعها من المستأجر، صح