وشغلها يفتقر إلى دليل، فإن لم يرد حتى هلكت العين لزمه ضمان قيمتها بأكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التلف (1) وفاقا لمذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة: عليه قيمته يوم الغصب ولا اعتبار بما زاد بعده أو نقص.
لنا أنه مأمور برده إلى مالكه في كل زمان يأتي عليه وكل حال كان مأمورا برد الغصب فيها، لزمه قيمته في تلك الحال مثل حال الغصب (2).
وإذا صبغ الغاصب الثوب بصبغ يملكه، فزادت لذلك قيمته، كان شريكا له فيه بمقدار الزيادة فيه، وله قلع الصبغ لأنه عين ماله، بشرط أن يضمن ما ينقص من قيمة الثوب، لأن ذلك يحصل بجنايته (3) وبه قال الشافعي وأصحابه.
وقال المزني: ليس للغاصب قلع الصبغ، لأنه لا منفعة له فيه سواء كان الصبغ أسود أو أبيض.
وقال أبو حنيفة: إن كان مصبوغا بغير سواد فرب الثوب بالخيار بين أن يسلمه إلى الغاصب ويأخذ منه قيمته أبيض، وبين أن يأخذ هو ويعطيه قيمة صبغه. وإن كان مصبوغا بالسواد فهو بالخيار بين أن يسلمه إلى الغاصب ويأخذ منه قيمته أبيض، وبين أن يسمكه مصبوغا ولا شئ للغاصب عليه.
وقال أبو يوسف: الصبغ بالسواد وغيره سواء (4) [126 / ب].
ولو ضرب النقرة دراهم، والتراب لبنة، ونسج الغزل ثوبا، وطحن الحنطة، وخبز الدقيق، فزادت القيمة بذلك، لم يكن له شئ ولم يملكه (5) وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: إذا غير الغصب تغييرا أزال به الاسم والمنفعة المقصودة بفعله ملكه، فاعتبر ثلاث شرائط زوال الاسم، والمنفعة المقصودة، وأن يكون ذلك بفعله، فإذا فعل هذا ملك، ولكن يكره له التصرف فيه قبل [دفع] قيمته إليه.
لنا أن ما فعله للغاصب آثار أفعال وليست بأعيان أموال، ولا يدخل المغصوب بشئ من ذلك في ملك الغاصب، ولا يجبر صاحبه على أخذ القيمة، لأن الأصل ثبوت ملك المغصوب منه، ولا دليل على زواله بعد التغيير. وقال (عليه السلام): على اليد ما أخذت حتى تؤدي،