وفاقا للشافعي، وخلافا لأبي حنيفة.
لنا أن بالتعدي وجب عليه الضمان بلا خلاف ولا دليل على أن الضمان يزول عنه بالرد إلى موضعه.
له أن المودع مأمور بالحفظ في جميع هذه الأوقات فإذا خالف في جهة منها ثم رجع وعاد إلى الحفظ كان متمسكا به على الوجه المأمور به فينبغي أن يزول عنه الضمان (1).
ولو أبرأه صاحبها من الضمان بعد التعدي، وقال: قد جعلتها وديعة عندك من الآن، برئ (2)، وللشافعي فيه وجهان أحدهما يبرأ وهو ظاهر قوله، والثاني لا يبرئ قال: لأن الإبراء لا يصح عن القيمة لأنها لم تجب بعد ولا يصح من العين لأنها في يده باقية.
لنا أن ذلك حق له، فله التصرف فيه بالإبراء والإسقاط والمطالبة، فوجب أن يسقط بإسقاطه (3).
ويزول الضمان بردها إلى صاحبها أو إلى وكيله، سواء أودعه إياها مرة ثانية، أم لا، بلا خلاف.
وإذا علم المودع أن المودع لا يملك الوديعة، لم يجز له ردها إليه مع الاختيار، بل يلزمه رد ذلك إلى مستحقه إن عرفه بعينه، وإن لم يتعين له حملها إلى الإمام العادل، فإن لم يتمكن لزمه الحفظ بنفسه في حياته، وبمن يثق إليه بعد وفاته إلى حين التمكن من المستحق، ومن أصحابنا من قال: تكون - والحال هذه - مثل اللقطة والأول أحوط.
وإن كانت الوديعة من حلال وحرام لا يتميز أحدهما من الأخر، لزمه رد جميعها إلى المودع متى طلبها.
ومتى ادعى صاحب الوديعة تفريطا فعليه البينة، فإن فقدت، فالقول قول المودع مع يمينه، وروي أنه لا يمين عليه إن كان ثقة غير مرتاب به. وإذا ثبت التفريط واختلفا في قيمة الوديعة [129 / أ]، ولا بينة، فالقول قول صاحبها مع يمينه، لأنه أعرف بها، وقيل القول قول المودع لأنه المنكر، ومن أصحابنا من قال: يأخذ بما اتفقا عليه، ويحلف المودع على ما أنكره من الزيادة (4).