بالغصب وفاقا للشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا تضمن المنافع بالغصب بحال، فإن غصب أرضا فزرعها بيده كانت الغلة له، ولا أجرة عليه إلا أن ينقص الأرض بذلك، فيكون عليه نقصان ما نقص، وزاد على هذا فقال: لو آجرها فله أجرتها، دون مالكها (1).
في البداية: الغصب فيما ينقل ويحول، وإذا غصب عقارا فهلك في يده لم يضمنه عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: يضمنه، وما نقص منه بفعله وسكناه ضمنه في قولهم جميعا (2).
لنا قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (3) والمثل يكون من حيث الصورة، وحيث القيمة وإذا لم يكن للمنافع مثل من حيث الصورة، وجبت القيمة.
وإذا غصب أرضا فزرعها ببذر من ماله، أو غرسها كذلك، فالزرع والشجر له، لأنه عين ماله، وإن تغيرت صفته بالزيادة والنماء، وعليه الأجرة للأرض لأنه قد انتفع بها بغير حق، فصار غاصبا للمنفعة، فلزمه ضمانها، وعليه أرش نقصانها إن حصل بها نقص، لأن ذلك حصل بفعله.
ومتى قلع الشجر فعليه تسوية الأرض، وكذا لو حفر بئرا أجبر على طمها، وللغاصب ذلك وإن كره مالك الأرض، لما في تركه من الضرر عليه لضمان ما يتردى فيها.
ومن حل دابة فشردت، أو فتح قفصا فذهب ما فيه، لزمه الضمان سواء كان ذلك عقيب الحل أو الفتح، أو بعد أن وقفا، لأن ذلك كالسبب في الذهاب، ولولاه لما أمكن، ولم يحدث سبب آخر من غيره، فوجب عليه الضمان.
ولا خلاف أنه لو حل رأس الزق فخرج ما فيه، وهو مطروح لا يمسك ما فيه غير الشد، لزمه الضمان، ولو كان الزق قائما مستندا وبقي محلولا حتى حدث به ما أسقطه من ريح أو زلزلة أو غيرهما، فاندفق ما فيه، لم يلزمه الضمان بلا خلاف، لأنه قد حصل هاهنا مباشرة وسبب من غيره (4) وبه قال مالك.