وقال أبو حنيفة سقط سهم ذي القربى بموت النبي [(عليه السلام)] إلا أن يعطيهم الإمام شيئا بحق الفقر والمسكنة، ولا يعطي الأغنياء منهم شيئا.
ويدل على مذهبنا مضافا إلى إجماع الإمامية وأخبارهم قوله تعالى: {ولذي القربى واليتامى والمساكين} (1) [و] هذه الآية أدلة:
أحدها: أنه أضاف الخمس إلى المذكورين وشرك بينهم بواو الجمع فيقتضي أن يكون بينهم بالسوية.
والثاني أنه أضافه إليهم بلام التمليك وشرك بينهم بواو التشريك فعندنا وعند الشافعي، أن هذه الإضافة إضافة ملك، وعند أبي حنيفة هي إضافة محل، أي هم أهل لذلك فمن قال: الأغنياء لا يعطون فقد خرج عن مقتضى القولين.
والثالث: أن الله جعل لهم السهم بحق القرابة، فالظاهر أن هذا السهم لهم وعند أبي حنيفة لا يستحقونه بالقرابة (2) وعندنا أن سهم ذي القربى للإمام. وعند الشافعي: لجميع ذوي القربى، يستوي القريب فيه والبعيد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، إلا أنه للذكر مثل حظ الأنثيين لأن ذلك يستحق بالإرث الذي يجري مجرى التعصيب (3).
وهذه الأسهم الثلاثة التي لليتامى، والمساكين، وأبناء السبيل يختص بها من كان من آل الرسول دون غيرهم وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا: إنها للفقراء من المسلمين، و أيتامهم، وأبناء سبيلهم دون من كان [87 / أ] من آل رسول الله خصوصا. (4) الفئ بعد النبي (صلى الله عليه وآله) حكمه في أيامه، في أنه خاصة لمن قام مقامه. وللشافعي فيه قولان، في أربعة أخماسه وخمس الخمس: أحدهما: يكون للمقاتلين والثاني في المصالح، ويبدأ بالأهم [فالأهم] وأهم الأمور الغزاة، وخمس خمس الغنيمة في مصالح المسلمين قولا واحدا (5).
وما كان للنبي ينتقل إلى ورثته، وخالف جميع الفقهاء في ذلك (6).
وما كان للنبي من الصفايا قبل القسمة فهو لمن قام مقامه. وقال جميع الفقهاء: أن ذلك يبطل بموته (7).
وما لم يحوه العسكر من غنائم من خالف الإسلام من الكفار، من أرض وعقار وغيرهما