ومن لا كتاب له من الكفار لا يكف عن قتاله إلا بالرجوع إلى الحق، (1) لقوله (عليه السلام):
أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم (2).
وكذا حكم من أظهر الإسلام من البغاة والمحاربين.
ومن له كتاب وهم اليهود والنصارى والمجوس يكف عن قتالهم إذا بذلوا الجزية و دخلوا تحت شروطها، ولا يجوز أخذ الجزية من عباد الأوثان، سواء كانوا عجما أو عربا، و لا من الصابئين ولا من غيرهم (3) وفاقا للشافعي في عباد الأوثان عربا أو عجما، وخلافا لأبي حنيفة في العجم فإنه قال: يؤخذ من العجم، ولا يؤخذ من العرب.
لنا قوله تعالى: {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (4) وقوله: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} (5) (6) وهذا عام في العرب والعجم.
وأما أهل الكتاب يجوز أخذ الجزية منهم وإن كانوا من العرب وفاقا لجميع الفقهاء. و قال أبو يوسف: لا يجوز.
لنا قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} (7) (8)، والمجوس كان لهم كتاب ثم رفع عنهم. وهو أصح قولي الشافعي.
وله قول آخر: وهو أنه لم يكن لهم كتاب. وبه قال أبو حنيفة (9).
وأما الصابئة فلا يؤخذ منهم الجزية، ولا يقرون على دينهم. خلافا لجميع الفقهاء، فإنهم قالوا: يؤخذ منهم الجزية إلا أبا سعيد الإصطخري من أصحاب الشافعي (10).
والصغار المذكور [85 / أ] في الآية هو التزام الجزية على ما يحكم به الإمام من غير أن يكون مقدرة، والتزام أحكام الإسلام عليهم. وقال الشافعي: هو التزام أحكامنا عليهم. و منهم من قال: الصغار أن يؤخذ الجزية منه قائما، والمسلم جالس. (11) والجزية ما يؤدونه كل سنة مما يضعه الإمام على رؤسهم، أو على أرضهم، وليس لها