ومن زنى وتاب قبل قيام البينة عليه بذلك درأت التوبة عنه الحد، فإن تاب بعد قيام الشهادة عليه وجب عليه الحد ولم يجز للإمام العفو عنه سواء كان حده جلدا أو رجما، فإن كان أقر على نفسه وهو عاقل حر عند الإمام ثم أظهر التوبة كان للإمام الخيار في العفو عنه أو إقامة الحد عليه حسب ما يراه من المصلحة في ذلك هذا إذا كان الحد رجما يوجب تلف نفسه، فأما إذا كان الحد جلد فلا يجوز العفو عنه ولا يكون الحاكم بالخيار فيه لأنا أجمعنا على أنه بالخيار في الموضع الذي ذكرناه ولا إجماع على غيره فمن ادعاه وجعله بالخيار وعطل حدا من حدود الله فعليه الدليل.
إذا وجد الرجل مع امرأته رجلا يفجر بها وهما محصنان كان له قتلهما وكذلك إذا وجده مع جاريته أو غلامه، فإن وجده ينال منها دون الفرج كان له منعه منها ودفعه عنها فإن أبي الدفع عليه فهو هدر فيما بينه وبين الله تعالى، فأما في الحكم فإن أقام البينة على ذلك فلا شئ عليه فإن لم يكن له بينة فالقول قول ولي الدم أنهم لا يعلمون ذلك منهم ولهم القود.
وإذا زنى اليهودي أو النصراني بأهل ملته كان الإمام مخيرا بين إقامة الحد عليه بما تقتضيه شريعة الاسلام وبين تسليمه إلى أهل دينه أو دين المرأة ليقيموا عليهما الحدود على ما يعتقدونه لقوله تعالى: فاحكم بينهم أو أعرض عنهم، و " أو " في لسان العرب بغير خلاف للتخيير.
ومن عقد على امرأة في عدتها ودخل بها عالما بذلك وجب عليه الحد تاما، فإن كان عدتها عدة الطلاق الرجعي كان عليهما الرجم لأنها محصنة عندنا ذات بعل، فإن كانت التطليقة بائنة لا رجعة للبعل عليها فيها أو كانت عدة فسخ أو عدة المتوفى عنها زوجها كان عليها الجلد دون الرجم لأنها غير محصنة، فإن ادعيا أنهما لم يعلما أن ذلك لا يجوز في شرع الاسلام وكانا قريبي العهد بالإسلام فإنه يدرأ الحد عنهما لقوله ع: ادرؤوا الحدود بالشبهات، وهذه شبهة بغير خلاف، فأما إذا كانا ذلك لم يصدقا فيه وأقيم عليهما الحد لأن هذا شائع ذائع بين المسلمين لا يختص بعالم دون عامي جاهل فلا شبهة لهما في ذلك فليلحظ الفرق بين