ولا الشفاعة فيها أيضا، فإن كانت الحدود من حقوق الآدميين جازت الشفاعة فيها قبل رفعها إلى الإمام ع أو إلى المنصوب من قبله، فإن رفعت إليه لم تجز الشفاعة بعد ذلك فيها، وظهر المؤمن حمى إلا من حد يجب عليه، ومن عفي عن حد وجب له لم يجز له الرجوع فيه بعد ذلك.
باب الزنى وأقسام الزنى وما يتعلق بذلك:
الزنى معلوم من دين الاسلام تحريمه بغير خلاف وهو وطء البالغ الكامل لمن حرم الله تعالى وطأه من غير عقد ولا شبهة عقد في الفرج، وقد تقدم ذكر المحرمات وما يصح الوطء من عقد أو ملك في كتاب النكاح فلا وجه لإعادته هنا.
فأما شبهة العقد فهو أن يعقد الرجل على ذي محرم - من بنت أو أم أو أخت أو ما أشبه ذلك - وهو لا يعرفها أو يعقد على امرأة لها بعل وهو لا يعلم ذلك أو يعقد عليها وهي في عدة - إما من طلاق رجعي أو بائن أو متوفى عنها زوجها - وهو غير عالم بحالها أو يعقد عليها وهي محرمة أو يعقد وهو محرم ناسيا ثم يعلم شيئا من ذلك فإنه يدرأ الحد عنه ولا يحكم عليه بالزنى، فإن عقد على أحد ممن ذكرنا متعمدا وهو عالم بذلك ووطئها كان حكمها حكم الزنى.
فأما الزناة فينقسمون خمسة أقسام:
أولها: يجب الحد فيه بالقتل على كل حال، وثانيها: يجب الجلد فيه ثم الرجم، وثالثها: يجب الرجم فيه دون الجلد، ورابعها: يجب فيه الجلد ثم النفي، وخامسها: يجب فيه الجلد فقط.
وأما ما يجب فيه القتل على كل حال فهو وطء من وطأ ذات محرم منه من أم أو بنت أو أخت أو ابنتها أو بنت أخ أو عمة أو خالة حرا كان أو عبدا مسلما كان أو كافرا شيخا كان أو شابا محصنا كان أو غير محصن، أو كان ذميا فزنى بمسلمة فإنه يقتل على كل حال وإن أسلم وعلى المرأة الحد على ما تستحقه من جلد أو رجم، وكل من غصب امرأة فرجها محصنا أو غير محصن، وكل من زنى بامرأة أبيه محصنا