أحدهما إقراره على نفسه بذلك أربع مرات وهو كامل العقل حر مختار كما قدمناه في باب حد الزنى سواء كان فاعلا أو مفعولا، فإن أقر دون ذلك لم يجب عليه الحد وكان على الحاكم تعزيره لإقراره على نفسه بالفسق.
والضرب الثاني البينة وهي أربعة شهود يشهدون بذلك كما ذكرناه في شهادتهم بالزنى ويذكرون المشاهدة للفعل كالميل في المكحلة، فإن لم يشهدوا كذلك كان عليه حد الفرية إلا أن يشهدوا بإيقاع الفعل فيما دون الدبر فيقبل شهادتهم ويجب بها الحد على ما نبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وإذا شاهد الحاكم بعض الناس على هذا الفعل كان له إقامة الحد عليه به ولا يحتاج مع علمه ومشاهدته إلى غير ذلك مثل الزنى سواء، فإذا ثبت على اللائط حكم اللواط بالإيقاب كان حده القتل إلا أن الإمام بالخيار في كيفية قتل اللائط إما أن يرمى من حائط عال أو يرمى عليه جدار أو يدهدهه من جبل " ومعنى يدهدهه أي يدحرجه " أو يضرب عنقه بالسيف أو يرجمه الإمام والناس أو يحرق بالنار والإمام مخير في ذلك أي شئ أراد فعله منه كان له ذلك بحسب ما يراه صلاحا، فإن أقام عليه حدا بغير النار كان له إحراقه بعد ذلك.
والفاعل لما يخالف الإيقاب فاعلا كان أو مفعولا يجب عليه الجلد مائة جلدة دون القتل والرجم سواء كان محصنا أو غير محصن على الأظهر من أقوال أصحابنا، وقد ذهب بعضهم إلى: أنه على ضربين:
أحدهما أن يكون محصنا والآخر غير محصن، فإن كان محصنا كان عليه الرجم وإن كان غير محصن كان عليه الحد مائة جلدة سواء كان فاعلا أو مفعولا به حرا كان أو عبدا مسلما كان أو كافرا، وهذا اختيار شيخنا أبي جعفر في نهايته والأول مذهب شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان والسيد المرتضى وغيرهما من الجلة المشيخة رحمهم الله وهو الصحيح الذي تقتضيه الأدلة القاهرة لأن الأصل براءة الذمة وإدخال الضرر على الحيوان قبيح عقلا وسمعا إلا ما خرج بالدليل ولا يرجع في ذلك إلى أخبار شاذة لا يعضدها كتاب ولا سنة ولا إجماع لأنا قد بينا أن الاجماع غير حاصل ولا منعقد على ذلك.