مائة ونفي سنة عن مصره إلى مصر آخر بعد أن يجز رأسه، والبكرة تجلد مائة وليس عليها جز الشعر ولا النفي على حال، وقد قلنا ما عندنا في ذلك إلا أن شيخنا رجع عن هذا التفسير في مسائل خلافه وقال مسألة: البكر عبارة عن غير المحصن فإذا زنى البكر جلد مائة وغرب عاما، واستدل على ذلك بإجماع الفرقة وأخبارهم وهو الصحيح الذي اخترناه، ومن فسر البكر بما فسره شيخنا في نهايته يحتاج إلى دليل وليس عليه دليل من إجماع ولا كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا يرجع في ذلك إلى أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا بل حقيقة البكر في لسان العرب من ذكرناه وفي عرف الشرع ما أثبتناه وحكيناه ولقوله ع: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة ثم الرجم، فقسم الزناة قسمين كما ترى لا ثالث لهما.
ثم قال: والخامس وهو من يجب عليه الجلد وليس عليه أكثر من ذلك فهو كل من زنى وليس بمحصن ولا بكر فإنه يجب عليه جلد مائة وليس عليه أكثر من ذلك رجلا كان أو امرأة، ثم قال: ومن هذه صورته إذا زنى فجلد ثم زنى ثانية فجلد ثم زنى ثالثة فجلد ثم زنى رابعة كان عليه القتل.
قال محمد بن إدريس: والأظهر من أقوال أصحابنا والذي تقتضيه أصول مذهبنا أنه يقتل في الثالثة لإجماعنا أن أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة وهذا منهم بغير خلاف، ومن عدا المحصن من الزناة إذا زنى ثلاث مرات أو أكثر من ذلك ولم يقم عليه فيها الحد فليس عليه أكثر من مائة جلدة، وجميع هذه الأقسام والأحكام التي ذكرناها خاصة في الحر والحرة إلا القسم الأول فإنه يشترك فيه العبيد والأحرار.
فأما ما عدا ذلك فحكم المملوك غير حكم الحر، فحكم المملوك والمملوكة إذا زنيا أن يجب على كل واحد فيهما خمسون جلدة زنيا بحر أو بحرة أو مملوك أو مملوكة لا يختلف الحكم فيه شيخين كانا أو شابين محصنين أو غير محصنين بكرين أو غير بكرين وعلى كل حال وليس عليهما أكثر من ذلك، غير أنهما إذا زنيا سبع مرات فأقيم عليهما الحد في ذلك ثم زنيا الثامنة كان عليهما القتل على ما رواه أصحابنا، وذهب بعضهم إلى: أنهما لا يقتلان إلا أن يزنيا ثماني مرات ويقام عليهما الحد