باب الحد في الفرية وما يوجب التعزير والتأديب وما يلحق بذلك من الأحكام:
قال الله تعالى: إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم.
وروى حذيفة أن النبي ع قال: قذف محصنة يحبط عمل مائة سنة.
ولا خلاف بين الأمة أن القذف محرم، فإن قذف انسان مكافئا له أو أعلى منه وجب عليه الجلد ثمانون جلدة حرا كان القذف أو عبدا رجلا أو امرأة مسلما أو كافرا لقوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة، وروي: أن النبي ع لما نزل براءة ساحة عائشة صعد المنبر وتلا الآيات ثم نزل فأمر بجلد الرجلين والمرأة فالرجلان حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة، مسطح " بكسر الميم والسين غير المعجمة المسكنة والطاء غير المعجمة المفتوحة والحاء غير المعجمة " وأثاثة " بضم الألف والثائين المنقطة كل واحدة بثلاث نقط " والمرأة حمية بنت جحش " بسكون الميم وفتح الحاء غير المعجمة " فإذا ثبت أن موجب القذف الجلد فإنما يجب ذلك بقذف محصنة أو محصن لقوله تعالى: والذين يرمون المحصنات.
وشرائط الإحصان خمسة أشياء: أن يكون المقذوف حرا بالغا عاقلا مسلما عفيفا عن الزنى، فإذا وجدت هذه الخصال فهو المحصن الذي يجلد قاذفه، وهذه الشروط معتبرة بالمقذوف لا بالقاذف لقوله تعالى: والذين يرمون المحصنات، فوصف المقذوف بالإحصان فمتى وجدت الشرائط وجب الحد على قاذفه مع مطالبته له ومتى اختلت أو واحدة منها فلا حد على قاذفه واختلالها بالزنى أو بالوطئ الحرام على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وأما القاذف فلا يعتبر فيه الحصانة وإنما الاعتبار بأن يكون عاقلا سواء كان حرا أو عبدا عندنا فإن أصحابنا رووا وأجمعوا: أن عليه الحد كاملا ههنا وفي شرب الخمر والمسكر سواء كان حرا أو