المقصد الخامس: في حد الشرب:
وفصوله ثلاثة:
الأول: الموجب:
وهو تناول ما أسكر جنسه أو الفقاع اختيارا مع العلم بالتحريم والكمال، فالتناول يعم الشرب والاصطباغ وأخذه ممتزجا بالأغذية والأدوية وإن خرج عن حقيقته بالتركيب، ولا يشترط الإسكار بالفعل فلو تناول قطرة من المسكر أو مزج القطرة بالغذاء وتناوله حد، ولا فرق في المسكر بين أن يكون متخذا من عنب أو تمر أو زبيب أو عسل أو شعير أو حنطة أو ذرة أو غيرها سواء كان من جنس واحد أو أكثر.
والفقاع كالمسكر وإن لم يكن مسكرا، وكذا العصير إذا غلى وإن لم يقذف بالزبد سواء غلى من نفسه أو بالنار إلا أن يذهب ثلثاه أو ينقلب خلا، وكذا غير العصير إذا حصلت فيه الشدة المسكرة، وفي التمر إذا غلى ولم يبلغ حد الإسكار ففي تحريمه نظر، وكذا الزبيب إذا نقع بالماء فغلى من نفسه أو بالنار والأقرب البقاء على الحل ما لم يبلغ الشدة المسكرة.
ولا حد على الحربي والذمي المستتر فإن تظاهر حد، ويحد الحنفي إذا شرب النبيذ وإن قل، ولا يحد المكره على الشرب سواء توعد عليه أو وجر في حلقه، ولا الصبي ولا المجنون ولا الجاهل بجنس المشروب أو بتحريمه لقرب عهده بالإسلام وشبهه، ولا على من اضطره العطش أو إساغة لقمة إلى شرب الخمر إذ الأقرب تجويزه لهما.
ولا يجوز التداوي بالخمر تناولا ويحد لو فعل إلا مع الشبهة ولو كان مركبا مع غيره كالترياق، ولو علم التحريم وجهل وجوب الحد حد، ولو شرب بظن أنه من جنس آخر فلا حد فإن سكر فكالمغمى عليه يسقط عنه قضاء الصلاة.
ويثبت بشهادة عدلين - ولا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمات - وبالإقرار مرتين ولا يكفي المرة، ويشترط في المقر البلوغ والعقل والاختيار والقصد،