أقول: والأقرب هو الوجه الأول، إذ ليس كل دعوى يلزم الحاكم بسماعها والنظر فيها، بل الدعاوي المتعلقة بأموال الناس ونفوسهم وأعراضهم، فيلزم أن يكون مورد الدعوى شيئا يزعم المدعي تعلقه به. وبعبارة أخرى: لا بد أن تكون نتيجة الدعوى والمرافعة اثبات حق يدعيه المدعي وجلب نفع إلى نفسه أو دفع ضرر عن نفسه، وكل دعوى تكون كذلك يجب على الحاكم سماعها، وأما في المورد الذي يتحقق النفع ويثبت للمدعي بنفس الحكم الصادر من الحاكم وأما قبله فلا يوجد شئ فيلزم الدور، لأن نظر الحاكم في ذلك المورد ثم حكمه يتوقف على تحقق الحق من قبل، وتحقق الحق يتوقف على الحكم نفسه.
هل تفتقر صحة الدعوى إلى الكشف؟
قال المحقق: (ولا تفتقر صحة الدعوى إلى الكشف في النكاح ولا في غيره).
أقول: إن صحة الدعوى التي اشترطناها لا تحتاج إلى الكشف والتحقيق عن الأسباب، سواء كانت الدعوى في الأملاك من الأعيان والديون، أو في العقود من النكاح وغيره. وقد نبه بذكر النكاح على خلاف بعض العامة فيه. ودليلنا على عدم الحاجة هو الاجماع.
قال: (وربما افتقرت إلى ذلك في دعوى القتل، لأن فائته لا يستدرك).
أقول: لأن للقتل أقساما وأسبابا مختلفة من العمد والخطأ وشبه العمد، ومن أن القتل مستند إليه بالمباشرة أو بالتسبيب، وأنه هل وقع منه منفردا أو شاركه فيه غيره. فلكل واحد من هذه الأقسام والحالات حكم، فلو أجمل في الدعوى لم يترتب حكم واحد منها، فلا بد من الكشف وذكر التفصيل وإلا لم تصح دعوى القتل ولا تسمع.
وفي الجواهر كما عن جماعة الاشكال في ذلك، وقد يستفاد من تعبير المحقق ب (ربما) وذلك لأنه قد يترتب على الاجمال أثر كلي، بل قيل: إنه يملك بحكم الأصل تشخيص أنه خطأ، بل ربما ظهر من المحقق الأردبيلي سماع دعوى الكلي