بل قال المحقق الكنى قده: إن الأصحاب لم يعملوا بهذه الأدلة واعتبروا قول الصبي في موارد، كقبول قوله في إنبات الشعر بالعلاج، وكما لو أوقع معاملة فقال البائع ببطلانها لكونه صغيرا فادعى البلوغ سمعت دعواه وحكم بصحة المعاملة.
نعم إن كان متعلق دعواه مالا فلا تسمع، لأجل الصغر لأنه لا سلطنة له على مال فلا سلطنة له على دعوى متعلقة بالمال، فعدم سماع دعواه حينئذ يكون من هذا الحيث لا من جهة أن الصبي مسلوب العبارة، لكن الدعوى ليست من شؤون المطالبة بالمال، فإنه إذا أثبت المال بالبينة أمكن أن يباشر المطالبة وليه أو الحاكم نفسه، وليس اثبات تملك المال تصرفا فيه حتى يقال بعدم السلطنة له على المال، ولذا يجوز للأجنبي أن يثبت مالا لغيره، فيكون ذلك في الحقيقة كالكشف لأمر مخفي.
اشتراط العقل:
قال المحقق: (ولا المجنون) أقول: الشرط الثاني الذي ذكره المحقق وغيره هو (العقل) ويدل على اعتباره ما دل على اعتباره البلوغ، لكن مقتضى عمومات أدلة القضاء سماع دعواه في غير التصرفات الممنوعة كما إذا ادعى على شخص أنه جنى عليه، فإن الشاعر لا يرضى بالجناية على المجنون ولا يترك الجاني عليه من غير مؤاخذة وعقوبة.
وعن المحقق الأردبيلي قده وجماعة اشتراط كونه رشيدا، فلا تسمع الدعوى من السفيه، بل عن المعتمد دعوى الاجماع عليه، لكن الأدلة القائمة على وجوب إحقاق الحق وحفظ الأموال والنظام تقتضي وجوب سماع دعواه. نعم لا تسمع في الدعاوي المتعلقة بالمال، بل إن دعواه فيها تسمع أيضا لأن الدعوى واثبات الحق غير التصرف. وأما دعوى الاجماع على هذا الشرط ففيها منع واضح.
أن لا يدعي ما لغيره:
قال: (ولا دعواه مالا لغيره إلا أن يكون وكيلا أو وصيا أو وليا أو حاكما