الشروط المعتبرة في المدعي: (البلوغ) وكيف كان فقد ذكر المحقق قدس سره الشروط المعتبرة في المدعي بقوله:
(ويشترط فيه: البلوغ، والعقل، وأن يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه، وما يصح منه تملكه، فهذه قيود أربعة، فلا تسمع دعوى الصغير).
أقول: الشرط الأول الذي ذكره هو (البلوغ) ثم قال: (فلا تسمع دعوى الصغير) ولنا في اعتبار هذا الشرط بنحو الاطلاق بحث إلا أن يكون اجماع، لأن دعوى انصراف أدلة القضاء عن دعوى غير البالغ ضعيفة، لأن الغرض من نصب القاضي حفظ الحقوق والنظام، وأن الله عز وجل لا يرضى بضياع حقوق غير البالغين، ومثلها دعوى أن المتبادر من أدلة القضاء وسماع الدعوى هو كون المدعي بالغا فإن في تلك الأدلة عمومات واطلاقات تشمل الصغير قطعا مثل قوله تعالى: (فاحكم بين الناس بالحق)، ومع هذه الأدلة لا وجه للتمسك بالأصل كما في المستند.
وأما قوله في توجيه عدم سماع دعوى الصغير بأنه قد يحتاج إلى أمور يشترط فيها البلوغ مثل إقامة البينة. ففيه: أنه لا دليل على اشتراط البلوغ في إقامة البينة، فإذا أقامها الصغير على طبق الموازين الشرعية فلا وجه لعدم قبولها، والأدلة الرافعة لآثار قول الصبي منصرفة عن كون مورد دعواه ظلم أحد له كالضرب ونحوه، نعم الاعتبارات المحتاجة إلى الانشاء غير مسموعة منه، كما أنه إذا وصل الأمر في المخاصمة إلى اليمين فلا يحلف ولا يحلف.
وبعبارة أخرى: البلوغ ليس شرطا في أصل الدعوى، فإن دعوى الصغير تسمع لكن الأمور المترتبة وأحكام فصل الخصومة وموازين القضاء يشترط في بعضها البلوغ كالحلف والاقرار فلا يحلف ولا يحلف ولا يترتب الأثر على اقراره، وحينئذ يقوم وليه مقامه في هذه الأمور، وبعضها لا يشترط فيه البلوغ كإقامة البينة، وحينئذ يترتب الأثر لعموم الأدلة، وانصراف (عمد الصبي خطأ) ونحوه عن مثل ذلك