ما ذكرناه فيما إذا علم بترتب المفسدة العظيمة كوقوع المقاتلة بين طائفتين وارقة الدماء المحترمة ومن جواز مباشرة الحاكم يظهر أنه لا يجب عليه أن يأذن لصاحب الحق بذلك إن راجعه في القضية، وإن كان ذلك حقا ثابتا له خلافا لصاحب الجواهر حيث قال بأن اطلاق السلطان للولي يقتضي مباشرته لا خصوص الحاكم.
ومن ذلك كله يظهر أن الحكم بوجوب الرجوع إلى الحاكم والاستيذان منه في اجراء القصاص حكمة يقصد منها دفع الفساد واختلال النظام في المجتمع الاسلامي، وعليه فلو أمكن لولي المقتول أن يقتل القاتل بحيث لا يترتب على فعله مفسدة جاز كما هو الحال بالنسبة إلى الحقوق المالية كما سيأتي.
2 - إن كان الحق مالا:
وإن كان الحق مالا فتارة يكون عينا وأخرى يكون دينا، فإن كان عينا فقد قال المحقق قده: (من كانت دعواه عينا في يد انسان فله انتزاعها ولو قهرا ما لم تثر فتنة، ولا يفتقر إلى إذن الحاكم).
أقول: فالمحقق يقول بجواز انتزاع العين ولو قهرا لكن قيده بما لم تثر فتنة، وفي الجواهر فسر قوله: ((ولو قهرا): (بمساعدة ظالم أو بنفسه) وإن استلزم ضررا بتمزيق ثوب أو كسر قفل أو نحو ذلك) لكن ينبغي تقييد مساعدة الظالم بصورة انحصار طريق استنقاذ العين بذلك، بأن لا يمكنه الاستنقاذ بنفسه أو بمساعدة من ليس بظالم، بل يجوز ذلك في صورة الاختيار أيضا بل يمكن القول بجواز اتيان الأمر المباح بمساعدة ظالم، وأما إعانته فقد قلنا في محله باختصاص حرمة إعانة الظالم بأن تكون الإعانة في ظلمه.
ولا يخفى أن المراد من (الظالم) في هذا المقام هو غير (الطاغوت) الذي نهى الرجوع والتحاكم إليه في الكتاب والأخبار، وقد تقدم البحث عن حكم الرجوع إليه في إحقاق الحق.