بمجرده وإما بعد اليمين المردودة، والوجه في صحة هذه الدعوى على الثالث كونه السبب في تلف المال من عمرو وإن كان تملك زيد له بحكم الحاكم لأن السبب أقوى من المباشر، وقد يستدل لذلك بعموم التعليل الوارد في خبر عمر بن حنظلة:
(في رجل قال لآخر: اخطب لي فلانة فما فعلت من شئ مما قاولت من صداق أو ضمنت من شئ فذلك رضى لي وهو لازم لي ولم يشهد على ذلك. فذهب فخطب له وبذل عنه الصداق وغير ذلك مما طالبوه وسألوه، فلما رجع إليه أنكر له ذلك كله. قال: يغرم لها نصف الصداق عنه، وذلك أنه هو الذي ضيع حقها.
الحديث) (1).
وكيفما كان معنى الرواية، فإن محل الاستدلال قوله عليه السلام: (وذلك أنه هو الذي ضيع حقها) فإن هذا التعليل يشمل ما نحن فيه، وحيث إن دعوى عمرو على الثالث هي بعنوان كونه المضيع لحقه، فإنه يلزم الثالث الغرم.
وهل الغرم بمقدار ثمن العين أو نصف ثمنه؟ الظاهر هو الأول، فيكون نظير ما إذا أقر بكون العين لزيد فدفعها إليه بحكم الحاكم ثم أقر بكونها لعمرو فإنه يلزم بدفع ثمن العين كله.
ولو أراد الثالث أن يحلف فهل يحلف على البت أو على نفي العلم بكون العين ملكا لعمرو المدعي؟ قيل بالأول، وأشكل عليه بأن الدعوى قد انصرفت عنه باقراره وحكم الحاكم، فلو أراد الحلف على البت كان في مال الغير، بل عليه أن يحلف على نفي العلم بكونها له.
أقول: إنه بناءا على ما ذكرنا في كيفية طرح دعوى عمرو على الثالث يتعين اليمين على البت، لأن الاتلاف فعل نفسه.
على أن الاتلاف لا يدور مدار العلم، فمن أتلف مال غيره ضمن سواء كان عالما أو جاهلا أو ناسيا، إذ الموضوع للضمان هو الاتلاف وهو هنا متحقق حسب