فإن قيل: ليس فيما ذكرتموه أكثر من وجوب التفريق، فلم قلتم: إنه لا بد أن يكون في طهرين مع تحلل المراجعة؟ قلنا: لإجماع الطائفة على ذلك، ولأنه إذا ثبت وجوب التفريق فكل من أوجبه قال بما ذكرناه، والقول بأحد الأمرين دون الآخر، خروج عن إجماع الأمة.
ويحتج على المخالف في ذلك أيضا بما رووه عن ابن عمر من قوله: طلقت زوجتي وهي حائض، فقال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما هكذا أمرك ربك، إنما السنة أن تستقبل بها الطهر، فتطلقها في كل قرء مرة. (1) ويحتج عليهم في أن التلفظ بالثلاث بدعة، وغير واقع ثلاثا، بما رووه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث ابن عمر: إذن عصيت ربك، حين قال له: أرأيت لو طلقتها ثلاثا (2). وبما رووه من أن رجلا طلق زوجته ثلاثا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنا شديدا، فسأله النبي عليه السلام: كيف طلقتها؟ قال: طلقتها ثلاثا في مجلس واحد، فقال عليه السلام: إنما تلك واحدة فراجعها إن شئت، فراجعها (3)، والأخبار في ذلك كثيرة.
فإن احتج من ذهب إلى وقوع الثلاث بلفظ واحد، وإن كان بدعة، بما روي في حديث ابن عمر، من قوله عليه السلام: إذن عصيت ربك وبانت منك امرأتك (4)، فغير معول على مثله، لأن أول ما فيه، أنه خبر واحد، ثم هو معارض بغيره، ثم يحتمل أن يكون عليه السلام أراد بقوله: بانت منك امرأتك، إذا خرجت من العدة، لأنا قد بينا أنه يقع بذلك واحدة، على أن قول ابن عمر: أرأيت لو طلقتها ثلاثا، يحتمل أن يكون أراد في ثلاثة أطهار تتخللها المراجعة.