حرمت المطلقة على الأول، حتى تنكح زوجا غيره، على ما قدمناه، وذلك بدليل إجماع الطائفة، وتسقط السكنى والنفقة في الطلاق البائن، بدليل الإجماع المشار إليه، ولأن الأصل براءة الذمة، وشغلها بإيجاب شئ من ذلك، يفتقر إلى دليل.
ومن طلق ثلاثا بلفظ واحد كان مبدعا في قوله " ثلاثا "، ووقعت واحدة إذا تكاملت الشروط، على الصحيح من المذهب، لأنه إذا تلفظ بالطلاق مع تكامل شروطه المسنونة وجب وقوعه، وما أبدع من قوله " ثلاثا " لا حكم له في الشرع، لأنه مخالف للسنة، ولا تأثير له في إفساد ما قد تكاملت شروطه الشرعية من الطلاق، ولا فرق بين أن يتبع الطلاق بقوله: " ثلاثا " وبين أن يتبعه بشتم المرأة، و كما أن ذلك - وإن كان بخلاف السنة - غير مانع من وقوع الطلاق، فكذلك ما نحن فيه.
ويدل على أن قوله " ثلاثا " بدعة بعد إجماع الطائفة قوله تعالى: * (الطلاق مرتان) * (1)، والمراد بذلك الأمر، لأنه لو كان خبرا لكان كذبا، فكأنه قال: طلقوا مرتين، كما قال الله تعالى: * (ومن دخله كان آمنا) * (2)، أي فأمنوه، ولا يكون الطلاق مرتين إلا بحصول واحدة بعد أخرى، وكما أن من أعطى درهمين دفعة واحدة لم يوصف بأنه معط مرتين، ولا يكون كذلك حتى يفرق الاعطاء لهما في وقتين، فكذلك المطلق.
وليس لهم أن يقولوا: العدد في الآية مذكور عقيب اسم، وإذا ذكر عقيب الاسم لم يقتض التفريق، كما إذا قال: له علي عشرة، مرتين، وإنما يقتضيه إذا ذكره عقيب فعل، كما إذا قال: أعطه مرتين، أو أدخل الدار مرتين، لأنا قد بينا أن معنى قوله تعالى: * (الطلاق مرتان) *، الأمر، والعدد - والحال هذه - في الآية مذكور عقيب فعل.