الطين، وروى أصحابنا أن حد ما بين بئر المعطن إلى بئر المعطن أربعون ذراعا، و ما بين بئر الناضح إلى بئر الناضح ستون ذراعا، وما بين بئر العين إلى بئر العين في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع، وفي الرخوة ألف ذراع (1)، وعلى هذا لو أراد غيره حفر بئر إلى جانب بئره، ليسوق (2) منها الماء، لم يكن له ذلك بلا خلاف، ولا يجوز له الحفر إلا أن يكون بينهما الحد الذي ذكرناه.
فأما من حفر بئرا في داره، أو في أرض له مملوكة، فإنه لا يجوز له منع جاره من حفر بئر أخرى في ملكه، ولو كانت بئر بالوعة يضر به، بلا خلاف أيضا; و الفرق بين الأمرين أن الموات يملك التصرف فيه بالإحياء، فمن سبق إلى حفر البئر صار أحق بحريمه، وليس كذلك الحفر في الملك، لأن ملك كل واحد منهما مستقر ثابت، فجاز له أن يفعل فيه ما شاء.
ومن قرب إلى الوادي، أحق بالماء المجتمع فيه من السيل، ممن بعد عنه، وقضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الأقرب إلى الوادي يحبس الماء للنخل إلى أن يبلغ في أرضه إلى أول الساق، وللزرع إلى أن يبلغ إلى الشراك، ثم يرسله إلى من يليه (3) ثم هكذا يصنع الذي يليه مع جاره.
ولو كان زرع الأسفل يهلك إلى أن يصل إليه الماء، لم يجب على من فوقه أن يرسله إليه حتى يكتفي ويأخذ منه القدر الذي ذكرناه.
* * *