ولا يعارض من ذلك ما رووه من أن رجلا رهن فرسه عند إنسان فنفق، فسأل المرتهن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك، فقال: ذهب حقك (1) لأن المراد بذلك ذهب حقك من الوثيقة لا من الدين، وقلنا ذلك لوجهين (2): أحدهما: أنه وحد الحق، ولو أراد ذهاب الدين والوثيقة معا لقال: ذهب حقاك، والثاني: أن الدين إنما يسقط عند المخالف إذا كان مثل قيمة الرهن أو أقل، ولا يسقط الزيادة منه إذا كان أكثر، فلو أراد ذهاب حقه من الدين، لاستفهم عن مبلغه، أو فصل في الجواب.
وقولهم: سقوط الحق من الوثيقة معلوم بالمشاهدة، فلا فائدة في بيانه، غير صحيح، لأن تلف الرهن لا يسقط حق المرتهن من الوثيقة على كل حال، بل إذا أتلفه الراهن، أو أتلفه أجنبي، فإن القيمة تؤخذ وتجعل رهنا مكانه، فأراد عليه السلام أن يبين أن الرهن إذا تلف من غير جناية (3) سقط حق الوثيقة.
وإذا ادعى المرتهن هلاك الرهن، كان القول قوله مع يمينه، سواء ادعى ذلك بأمر ظاهر أو خفي، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا فقد بينا أنه أمانة في يده، وإذا كان كذلك، فالقول قوله في هلاكه.
وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الاحتياط والتفريط، وفقدت البينة، فالقول قول المرتهن أيضا مع يمينه، وإذا اختلفا في مبلغ الرهن، أو مقدار قيمته، فالقول قول الراهن مع يمينه، وإذا اختلفا في مبلغ الدين، أخذ ما أقر به الراهن (4) وحلف على ما أنكره، ويدل على ذلك كله، الإجماع المتكرر ذكره.