والمرتهن على ذلك وتراضيا به، وكذا يجوز للمرتهن الانتفاع بالسكنى والزراعة و الخدمة والركوب والصوف واللبن إذا أذن له الراهن وتكفل بمؤنة الرهن، و الأولى أن يصرف قيمة منافعه من صوف ولبن في مؤنته، وما فضل من ذلك كان رهنا مع الأصل; يدل على ذلك إجماع الطائفة، فإن سكن المرتهن الدار، أو زرع الأرض بغير إذن الراهن أثم ولزمه أجرة الأرض والدار، وكان الزرع له، لأنه عين ماله، والزيادة حادثة فيه، وهي غير متميزة منه.
ولا يحل للراهن ولا المرتهن وطئ الجارية المرهونة، فإن وطأها الراهن بغير إذن المرتهن أثم، وعليه التعزير، فإن حملت وأتت بولد; فإن كان موسرا وجب عليه قيمتها، تكون رهنا مكانها، لحرمة الولد، وإن كان معسرا بقيت رهنا بحالها، وجاز بيعها في الدين، بدليل الإجماع المشار إليه، فإن وطأها بإذن المرتهن لم ينفسخ الرهن، حملت أو لم تحمل، لأن ملكه لها ثابت، على ما بيناه فيما مضى، وإذا كان ثابتا، كان الرهن على حاله.
فإن وطأها المرتهن بغير إذن الراهن، فهو زان، وولدها منه (1) رق لسيدها، و رهن معها، فإن كان الوطئ بإذن الراهن، وهو عالم بتحريم ذلك، لم يلزمه مهر، لأن الأصل براءة الذمة، وإلزامه المهر يفتقر إلى دليل شرعي; فإن أتت بولد كان حرا لاحقا بالمرتهن بلا خلاف، ولا يجب قيمته، لأن الأصل براءة الذمة، وشغلها بذلك يحتاج إلى دليل، وليس في الشرع ما يدل عليه.
ورهن المشاع جائز كالمقسوم، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى:
* (فرهان مقبوضة) * (2) ولم يفصل، ويجوز توكيل المرتهن في بيع الرهن، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا فالأصل جواز ذلك، والمنع منه يفتقر إلى دليل، ويحتج على المخالف بعموم الأخبار الواردة في جواز التوكيل.