ونستشف من الحديث أن الخروج على الإمام ردة وانقلاب في الدين غير أن الردة أنواع فمالك بن نويرة لم يرتد عن الدين لأنه فقط منع قومه من إيصال الصدقات إلى أبي بكر لأنه لم يعتبره خليفة شرعيا، ولم تكن معارضته بأشد من معارضة علي بن أبي طالب وسعد بن عبادة وجماعة من الهاشميين والأنصار وعندها والحال هكذا أمر طبيعي أن لا يبعث مالك بصدقات قومه إلى الخليفة الجديد وإنما فرقها على قومه وتأول قول الله تعالى: * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم) * (1) بأن هذا الخطاب خاص في مواجهة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دون غيره بحيث ليس لأحد من التطهير والتزكية والصلاة على المتصدق ما للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت صلاته سكنا لنا وهذه الصفة لا توجد في أبي بكر.
ولذلك لم يحتج أبو بكر إلا بالتفرقة بين الصلاة والزكاة وهو قياس باطل لأن الصلاة لا تؤدى لبشر كالزكاة، ولو كان كذلك لجاز له القياس ولو اقتصر على قوله: (والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه) لكان منطقيا مع نفسه أكثر.
وعلى أية حال لو كان عدم أداء الزكاة للإمام كفرا لأصبح المسلمون اليوم مرتدين وكافرين باعتبارهم لم يبعثوا بها إلى أئمتهم لا في وقت وجود الخلافة - قبل إلقائها على يد مصطفى كمال أتاتورك في سنة " 1924 م " - ولا بعدها.
فلو قيل أن خلفاء المسلمين وملوكهم لم يبعثوا السعاة في طلبها فباؤوا