أما ما أفيد على الأول فبأن وجوب دفع البدل على تقدير التلف في كل زمان لا يقتضي إلا الوجوب في ذلك الزمان، فيصير فعليا بوقوع التلف فيه، وأما تعين قيمة ذلك الزمان فلا يستفاد من نفس الضمان المناسب لجميع الأقوال، فلا حاجة في رده إلى أن المعلق عليه لا تحقق له، بل الجواب أن الوجوب في كل زمان تعليقيا كان أو فعليا لا يقتضي قيمة ذلك الزمان، وقد تقدم سابقا (1) أن التدارك لا يقتضي ذلك، بحيث لو قلنا بوجوب قيمة غير يوم التلف لم يكن من باب تدارك مالية التالف فتدبر.
وأما ما أفيد على الثاني فبأنه لا حاجة إليه، بل لا يكون الضمان فعليا ولو بالإضافة إلى نفس القيمة دون ارتفاعها، مع أن التسالم على عدم ضمان ارتفاع القيمة مع عدم التلف رأسا، لا مع عدم التلف حين الارتفاع، كيف وهو محل النزاع، والوجه في عدم فعلية أصل الضمان هو أن التغريم والتدارك لا يعقل إلا مع التلف والخلل، ومع عدمه لا يعقل فعلية التدارك حتى يعقل وجوبه فعلا، فحقيقة التضمين مع وجود العين غير معقولة.
وأما الوجه الثالث فإن أريد بكونه مراعى كون التلف كاشفا محضا عن فعلية الضمان سابقا فهو غير معقول، لاستحالة المنكشف كما عرفت (2).
وإن أريد كون التلف شرطا متأخرا لفعلية الضمان سابقا، فيكون كاشفا من باب كشف العلة عن المعلول، لا الكشف المحض.
ففيه: أن وجوب شئ فعلا مشروطا بأمر متأخر وإن قلنا بمعقوليته، إلا أن حقيقة التضمين الفعلي المتقوم بالتلف في حقيقته لا يعقل أن ينوط (3) بأمر متأخر، فيستحيل التدارك الفعلي مع عدم فعلية التلف.
ومنه علم أن فعلية الضمان مع السقوط برد العين غير معقولة أيضا، لعدم تعقل أصل الضمان الفعلي مع عدم التلف فعلا، وإن أريد إناطة وجوب أرفع القيم بالتلف