مقام الدعوى، وهي دعوى المالك " أنه اشترى البغل بكذا وأنه على ما كان " كما هو المتعارف في باب مطالبة الضامن بقيمة ما اشتراه، فيصدقه الضامن ولكنه يدعي بترك القيمة (1)، والمالك عليه اليمين لموافقة دعواه للأصل، لكن الحلف - كما هو مختار جملة من المحققين - إرفاق بالمنكر لا أنه وظيفة معينة، وإنما لم يكلف بالبينة لعدم تمكنه غالبا من إقامة البينة على النفي، لا أنه لا يسمع منه البينة، وله في الشرع نظائر وليس ما ثبتت في غيره مما ثبت بأقوى من هذه الصحيحة.
ثالثها: بحملها على صورة غالبة أخرى، هي طبع دعوى الزيادة من المالك والنقص من الغاصب، وقول المالك مخالف للأصل وحقه إقامة البينة، لكنه ثبت في الشريعة في موارد قبول دعوى المدعى إما مطلقا أو بيمينه، فليقبل هنا قول المدعي بيمينه مع مناسبة الحكم والموضوع حيث إنه أعرف بقيمة بغله، والغاصب يؤخذ بأشق الأحوال، فلا مانع من العمل بالصحيحة في قبول دعوى المالك بيمينه، فليست قاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر غير مخصصة أصلا حتى يستبعد تخصيصها بالصحيحة، بل مخصصة كثيرا في طرفيها، ولذا قال بمضمونها جماعة من الأعلام فتدبر جيدا.
- قوله (قدس سره): (ولم أظفر بمن وجه دلالتها... الخ) (2).
يمكن تقريب ذلك بأحد وجهين:
الأول: أن جميع أزمنة الغصب حيث إنها أزمنة المخالفة، فإذا أدى أرفع القيمة فقد أدى قيمة يوم المخالفة بقول مطلق، لدخول الأدنى تحت الأعلى، وإذا أدى غير هذه القيمة فقد أدى قيمة بعض أيام المخالفة.
وفيه: أن مقتضى الاطلاق ليس أداء قيمة يوم المخالفة بقول مطلق، بل قيمة مطلق يوم المخالفة، فإن تعين اللا بشرط القسمي وإن كان على حد تعين البشرط شئ عقلا، إلا أن الأول كأنه لا يزيد على الطبيعة بشئ، بخلاف الثاني فإنه نحو تعين