وأما الثالث فهو مرتب على العطب بفرض وجوده لا على العطب الفعلي، ومن الواضح أن قوله (أرأيت لو عطب البغل أو نفق أليس كان يلزمني) بيان لمعنى الضمان بالقوة وهو لزوم البدل على تقدير التلف بجعل العطب مقدما وجعل لزوم البدل تاليا، لا أن اللزوم على تقدير التلف بجملته مرتب على العطب حتى يكون مستهجنا ليتعين اللزوم الفعلي، وهذا اللزوم التقديري هو الذي سمعه من أبي حنيفة وارتكز في ذهنه لا اللزوم الفعلي حيث لم يكن في الواقعة عطب فعلي.
ومنه ظهر أنه لا وجه لاستفادة اللزوم الفعلي، فإنه مرتب على العطب الفعلي لا على فرضه بجعله واقعا موقع الفرض والتقدير - بجعله في تلو أداة الشرط التي شأنها جعل مدخولها واقعا موقع الفرض والتقدير -.
وعليه فيتردد الأمر بين أن يكون يوم المخالفة قيدا للقيمة أو قيدا للزوم التقديري المستفاد من قوله (عليه السلام) (نعم) فتكون الرواية ساكتة عن وقت القيمة.
- قوله (قدس سره): (فإن إثبات قيمة يوم الاكتراء... الخ) (1).
لا يخفى عليك أن التعبير عن القيمة المعتبرة واقعا سواء كانت العبرة بيوم التلف أو يوم المخالفة أو بغيرهما بقيمة يوم الاكتراء، لأجل نكتة لا تنافي تلك القيمة الواقعية المعتبرة بل متوافقة معها، وإلا فلا يعقل إعمال تلك النكتة مع مخالفتها للقيمة الواقعية، وكما أن قرب يوم المخالفة من يوم الاكتراء يوجب عدم اختلاف اليومين في القيمة، مع أعمال نكتة سهولة إقامة البينة في يوم الاكتراء لكون البغل بمرئى من المكارين وغيرهم، كذلك بالإضافة إلى يوم التلف فإن الأشياء نوعا مختلفة من هذه الجهة، فالفواكه وأشباهها تختلف قيمتها بتفاوت أولها ووسطها وآخرها ولو في أيام قلائل، وغير الفواكه كالدار والعقار والحيوان والمملوك لا تتفاوت قيمتها بتفاوت شهر وشهرين بل وأكثر.
وحينئذ فالبغل كما أن قيمته في يوم المخالفة لا تتفاوت نوعا مع يوم الاكتراء،