لا مماثل له نوعا فعلا بلحاظ تلك الحال، أما لعدم المماثل له نوعا في حد ذاته كالقيميات، أو لا مماثل له بالفعل كالمثلي المتعذر مثله، فهو دليل على اشتغال الذمة بالقيمة في صورة تعذر المثل من الابتداء من دون نظر إلى التعذر الطارئ، وهذا أخص مما يدعيه المصنف (قدس سره).
ثانيها: الارشاد إلى الاشتغال بالمثل فيما له مماثل نوعا فعلا بالإضافة إلى حال اعتداء المالك، وهو زمان تفريغ ذمة الضامن، وإلى الاشتغال بالقيمة فيما لم يكن له مماثل في تلك الحال، فيكون دليلا على ثبوت القيمة في صورة طريان التعذر، ولازمه اشتغال الذمة من أول الأمر بالقيمة فيما لا مماثل له حال اعتداء المالك، لا اشتغالها بالمثل ابتداء وانقلابها إلى القيمة عند التعذر كما عليه المشهور والمصنف (رضوان الله عليهم).
ثالثها: الارشاد إلى اشتغال الذمة بالمثل في المثلي والقيمة في القيمي لا بلحاظ حال من الأحوال، بل الذمة تشتغل فيما له مماثل نوعا حدوثا أو بقاء بمثله وإلا فبقيمته، فالمثلي المتعذر مثله بقول مطلق كالقيمي دون خصوص المتعذر حدوثا أو خصوص المتعذر بقاء، فهو خلاف ما ذهب إليه المشهور والمصنف من اشتغال الذمة بالقيمة مع طريان التعذر وإن تيسر سابقا أو لاحقا، فالآية بناء على الارشاد بصورها المحتملة لا تكون دليلا على مسلك المشهور.
وأما إن كان الأمر للإذن والترخيص في الاعتداء والتغريم، فلا محالة لا يتصور فيه الشق الثالث - وهو الاطلاق -، إذ لا معنى للإذن في الاعتداء بالمثل مع عدم وجوده في حال الاعتداء بلحاظ وجوده في غير تلك الحال، وليس كاشتغال الذمة بالمثل فإنه يكفي فيه مجرد وجوده حدوثا أو بقاء، فلا محالة إما مفيد للإذن في الاعتداء بالمثل فيما له مماثل نوعا موجود في حال التلف، فينحصر قهرا زمان الاعتداء به في أول الأمر، وبعده لا بد من أن يعتدي بالقيمة وإن تيسر المثل.
وإما مفيد للإذن في الاعتداء بالمماثل الموجود في حال اعتداء المالك أيا ما كان، ففي زمان التغريم إن كان المثل موجودا فله تغريمه به، وإن لم يكن سابقا