إن سماع بينة المنكر وتقديمها على بينة المدعي خلاف القواعد.
مع إمكان تطبيقه عليها بما قيل في وجه ترجيح بينته على بينتها من أنها تنكر ما هو فعله الذي هو أعلم به من غيره، إذ لعله عقد على المرأة قبل العقد على الأخت وهي لا تعلم (1)، وكان مرجع ذلك إلى أن اعتماد كل من البينتين فيما تشهدان به إنما هو على ظاهر العقد، حيث لم يعلموا بفسادها من جهة سبق العقد على الأخرى (2)، فالبينتان من هذه الجهة متساويتان.
وأما اعتماد غير الرجل والأخت، فيتفاوتان في أن اعتماد الأخت غالبا - كاعتماد البينتين - على ظاهر العقد مع عدم العلم بالفساد، لاحتمال سبق العقد على أختها، واعتماد الرجل في دعواه على العلم بصحة ما يدعيه في الواقع وفساد ما تدعيه الأخت، لأن مناط صحة ما تدعيه الأخت من زوجية نفسها، وتنكره من زوجية أختها، إنما يعرف من قبل الرجل، فهو أعرف به، ولهذا يمكن المجمع بين ما يدعيه الرجل وبينته، وبين ما تدعيه الأخت وبينتها، حيث إن المفروض أن مستند الأخت وبينتها هو وقوع العقد بأن يكون الرجل قد عقد على الأولى قبل العقد على الأخت، لكن لما رأت الأخت وبينتها العقد حكموا بالزوجية، لعدم العلم بالفساد، وكذا بينة الرجل، ولما علم الرجل بفساد عقد الأخت أنكر زوجيتها وادعى زوجية أختها.