وكيف كان، فلعل مستند التفصيل اختصاص ما اعتبر سنده ودلالته من الأدلة المذكورة بصورة التعدد، وعدم ثبوت الاجماع المركب، وضعف ما دل منها على العموم سندا أو دلالة على سبيل منع الخلو، فيرجع في صورة الاتحاد إلى أصالة البراءة.
ومن ذلك يظهر مستند القائلين بعدم الوجوب مطلقا، حيث إنهم ضعفوا دلالة ما اعتبر سنده وسند ما اعتبر دلالته، ولم يزيدوا على ما في المسالك، وقد ذكرنا.
وقد استدل له في المسالك - مضافا إلى الأصل - بقوله تعالى:
﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم﴾ (1) قال: إن الآية تدل على أن الواحدة كالأمة لا حق لها في القسمة المعتبر فيها العدل، ولو وجبت لها ليلة من الأربع لساوت غيرها، وكل من قال بعدم الوجوب للواحدة قال بعدمه للأزيد إلا مع الابتداء (2)، انتهى.
وفيه: أنه لا دلالة في الآية على كون الواحدة كالأمة، وعطفها عليها لا يدل على اتحادهما، بل المراد - والله العالم - وإن خفتم ألا تعدلوا بين الزوجات فانكحوا واحدة فتسلموا من الميل والحيف، أو ما ملكت أيمانكم ولو كانت متعددة، لأن منافعها مملوكة للمولى، فلا يلزم ظلم عليهن، ولو ترك المولى استيفاء المنفعة من بعضهن، لأن ترك الرجل الحق المختص به ليس ظلما، وكيف كان، فليس في الآية دلالة على المطلوب ولا إشعار.